البيان النصراوي وكشف المستور

موفق النويصر

TT

أصدر نادي النصر السعودي بيانا من 15 صفحة، سرد فيه الكثير من الإيضاحات القانونية للقضايا الرياضية الخاصة بالنادي، على خلفية صدور قرار لجنة الانضباط بإيقاف محترفه حسام غالي مباراة واحدة، وإيقاف مدرب الفريق جورج داسيلفا 8 مباريات.

ومثار الاستغراب النصراوي جاء في الكيفية التي تم بها تقدير وتكييف نوعية الحركة الصادرة عن اللاعب حسام غالي والمدرب جورج داسيلفا. ما ساقه النصر في بيانه من أسانيد، لا يملك معها المتابع إلا التأكيد على وجود خلل في عمل اللجان العقابية التابعة للاتحاد السعودي، فكيف يعاقب مدرب فريق صدرت منه حركة ما، اعتمادا على لقطة تلفزيونية لم تظهر الطرف الآخر المعني بها؟!.

فقرار لجنة الانضباط مفاده أن اللجنة على يقين كامل بأن المدرب النصراوي كان يقصد من حركة يده أن طاقم التحكيم «مرتش»، ولذلك استحق هذه العقوبة. وهنا أتساءل كيف يمكن إيقاع عقوبة بهذا الحجم على شخص دون سماع أقواله أو منحه فرصة الدفاع عن نفسه؟.

أما فيما يتعلق بعقوبة الوقف على اللاعب غالي، فلا أعلم كيف تعطي اللجنة نفسها الحق باتخاذ مثل هذا القرار، على الرغم من أن الحادثة وقعت على مرأى من الحكم، الذي كان لا يبعد عن الواقعة سوى بأمتار قليلة، وتقديره أن الخطأ غير مقصود، وطالب باستمرار اللعب.

المحير في الأمر هو الضبابية التي تحكم عمل اللجان العاملة في الاتحاد السعودي، فعلى الرغم من أن لوائحها واضحة ومعلومة للجميع، إلا أنها ما زالت تصر على وضع نفسها في موضع المتهم، من خلال مفاجأتنا بقراراتها المتشنجة والمتباينة. وإلا فبماذا نفسر تجاهلها لحق نادي الفتح في إعادة مباراته مع الشباب، بعد الخطأ الفني الذي وقع فيه حكم المباراة؟! ومن ثم إلغاءها لكروت ملونة سجلت بحق لاعبين، ورفضها اتخاذ الإجراء ذاته مع آخرين، وأخيرا تجاهلها لقرار حكم لقاء الهلال والنصر، بعدم الحاجة لاتخاذ عقوبة في حق حسام غالي، كون الحركة الصادرة عنه، من وجهة نظره، كانت طبيعية، ثم تأتي لجنة الانضباط لتقول له أنت غير ملم بقانون كرة القدم «السعودي»، وسنتخذ عنك العقوبة المناسبة.

المؤسف في البيان النصراوي هو الفقرة التي أكد فيها عدم رغبته في الاستئناف ضد القرار، كون النتيجة التي ستصدرها لجنة الاستئناف معلومة سلفا، إما بالرفض أو عدم القبول، عطفا على المواقف السابقة، وهو شعور ينم عن إحباط وانعدام ثقة في لجان الاتحاد السعودي.

أعلم أن مسؤولي الاتحاد حريصون على الارتقاء بأداء اللجان العاملة تحت مظلته، إلا أن النتائج التي تظهرها تلك اللجان تؤكد أنها ما زالت تعيش أسوأ أيامها، بدليل اختلاف المعايير التي تتعامل بها مع الأندية للأخطاء ذاتها، ناهيك عن أنها لا تزال رهينة لأهواء أعضائها والضغوطات الإعلامية التي تتعرض لها، فتكون النتيجة دائما سلبية وغير مقنعة، شارعة بابا من الشك والتأويل حول نزاهتها وعملها. ولذلك أجد نفسي من غير المتفائلين بالمستقبل، كون المشكلة ليست في لوائح اتحاد الكرة، بقدر ما هي في الكيفية التي يتم بها تطبيقها، وما دام أن هناك مساحات ضبابية غير واضحة المعالم في هذه اللوائح، إضافة إلى شغل بعض الأعضاء لمناصب في أكثر من لجنة، فستظل الشكوك تحوم دائما حول قراراتها، وسيسود شعور لدى الجميع أن هذه اللجان ستنتصر لبعضها البعض عملا بقاعدة «أنا وأخوي على ابن عمي»، وهو ما لمسناه في البيان النصراوي.

[email protected]