باب المجلس

مساعد العصيمي

TT

لأشد ما أعجبتني تلك اللغة الراقية والحوار الهادف الذي بات ينطلق من الإعلام الخليجي، خاصة في ما يذهب إلى التناقش وقراءة المباريات من تلك التي تتواجه خلالها الفرق الخليجية فيما بينها، أشدد على ذلك وأنا أتذكر أننا وإلى وقت قريب وحين قراءة منافساتنا (كخليجيين) نبدو وكأننا في خضم معركة، كل يريد أن ينتصر لفريقه ظالما كان أو مظلوما، وهو ما يستمر عليه حوار الطرشان في الإعلام المحلي بين المتنافرين محليا!

فما يحدث الآن أن هناك معلومات حاضرة وعقلانية متوهجة، ولكن أكثر تحديدا، بين الرياض والدوحة عبر قراءات الجولة الأولى من دوري المحترفين الآسيوي. فمن الدوحة ومن خلال البرنامج الخليجي الجماهيري «المجلس» على قناة الدوري والكأس، كان الحوار راقيا والقراءات مثرية حتى وإن طالها بعض اختلافات وتجادل، لكن هي في إطار الرقي المعلوماتي الذي يحتاج إلى كسر روتين الرسمية.. وأحسب أن منسوبي المجلس قد استطاعوا تفعيل ذلك، وهم يتبادلون النقاش بموضوعية لا تخلو من بعض تجاذب عادة ما يكون سبيلا لإضفاء المرح على المجلس. الأمر أيضا من خلال القناة السعودية، في الشأن نفسه قراءات عاقلة بعيدة عن احتفاليات الشماتة والكيد والانتقاص من الآخر.. هنا أحسب أن العمل التحليلي الحواري الخليجي قد ارتقى كثيرا وبات أكثر مصداقية، ليكون أكثر قبولا لدى المتلقي.. ولا يضير ذلك وقع الاختلافات والتحديات التي تحدث كما فعلته ورقة احتجاج السد على الهلال.. لكن أحسب أن الحدة بين الحاضرين كما كانت في «المجلس» أفضت إلى شحذ الحقائق واللوائح كي تحضر سريعا.

ما أنا بصدده يخص المنطقية في القراءة والتحليل، والأكيد أننا كخليجيين بدأنا نتلمس المنطقية ونعمل في إطارها، فنحن نحب بلداننا وفرقنا المحلية.. لكن مثل ذلك لن يبعدنا عن الحقيقة، وإن كنت قد سعدت كثيرا بما شاهدته بعد لقاء السد والهلال، إلا أن ثمة منغصا ما زال حاضرا وشخصيا كتبت عنه غير مرة.. يذهب إلى معلقي المباريات، خاصة ممن ينتمون إلينا خليجيا.. وأعتقد أنهم قلة لكن ما زالوا يمسكون برسن الميكرفون.. هؤلاء تجدهم من الفزعين الصارخين الذين يجدون في منافسة بين فريق محلي وآخر خارجي متسعا لبث الآهات والتأوهات.. وأحيانا الويلات.. ولا يخلون من الدعاء المستمر وكأنهم في خلوة شخصية، لتعتقد أنك أمام متهم أراد من هذه المباراة أن يثبت ولاءه.. حتى لو على حساب حقيقة الحدث ومصداقيته. هنا أجزم أن ليس أسوأ ممن يغلب العاطفة على الحقيقة دون حيادية ومنطقية في القراءة والوصف، وأمام من؟.. أمام ذلكم الكم الكبير من المشاهدين للحدث المستمعين لصوته.

عموما، أعاود التأكيد على سعادتي بما نلقاه الآن من طرح بات أكثر رقيا يعبر عنه شباب خليجي مطلع مدرك لأبعاد اللعبة التنافسية، التي يقرأونها ويحللونها.. هم يحبون فرقهم ومنتخباتهم.. لكنهم ملتزمون أمام المشاهد بأن يكونوا صادقين عادلين.

[email protected]