لنستفد من دروس حادثة زعبيل

مصطفى الآغا

TT

سال الكثير من الحبر وقيل الكثير عبر الفضائيات وسيقال أكثر عن أحداث «زعبيل» بين النصر السعودي والوصل الإماراتي في إياب نصف نهائي كأس الأندية الخليجية.

شخصيا تناولت الموضوع في أربع حلقات ويبدو أنني في الطريق للخامسة والسادسة عطفا على المستجدات التي تحدث بين ساعة وأخرى.. وشخصيا أنا مع تبريد الأجواء المحتقنة وحصرها ضمن الأمور الرياضية مع الحق بالاختلاف والاعتراض للجميع «وبقاء موضوع الأخوة العربية وصفاء العلاقات بين الأندية الإماراتية والسعودية على حالته السابقة» لأن حادثة واحدة من بضعة أفراد يجب أن لا يتم تعميمها على كل المستويات ويجب أن يتم حصرها وحصارها لا زيادة مساحتها.. لأنه وقتها سيعم الغلط بين فعل ورد فعل وسنتوه عن النقطة الأساسية والشرارة التي أشعلت فتيل كل الأحداث وهي دخول بعض الجماهير أرض الملعب والسلوك غير المفهوم لرجال الشرطة الذين تعاملوا مع الحادثة «مليارة وصلت حد التعجب».. وهو ليونة قد تنعكس سلبا على غيرها من المباريات واللقاءات الحساسة إن لم يتم الضرب بيد من حديد على كل من نزل أرض الملعب كائنا من كان.

ومهما كانت فعلة الطبيب المعالج «مستفزة» كما قال البعض في الجانب الوصلاوي إلا أنهم نفسهم أدانوا واستنكروا سلوك بعض المشجعين ونزولهم لأرض الملعب ومنهم رئيس النادي محمد أحمد بن فهد الذي أرسل خطاب اعتذار رسمي يستنكر فيه كل ما حدث.. وما الحوار الراقي الذي دار بين فهد خميس عضو مجلس إدارة نادي الوصل والأمير الوليد بن بدر عضو شرف النصر عبر« صدى الملاعب» إلا دليل على أن الحادثة مدانة من الجميع وأنها يجب أن لا تمر مرور الكرام وحتى فهد خميس قال إن إدارته ستقبل أي قرار حتى لو كان تخسيرها المباراة قانونا 3/0 لأن العلاقة مع نادي النصر أسمى وأرقى من نتيجة مباراة مهما كانت درجة أهميتها.

أكتب هذا الكلام قبل صدور القرار النهائي للجنة المنظمة وهو لو كان بتثبيت النتيجة على حالها وتغريم الوصل ماديا وإجراء مباراته المقبلة من دون جمهور أو خارج ملعبه فهو سيعني حسب تصريحات الأمير فيصل بن تركي غياب النصر عن أي بطولة خليجية مقبلة وهو ما لا أتمناه لأي بطولة أن تفقد ثقة المشاركين بها وأن تصبح عرجاء بعد 25 سنة من قيامها، فنحن نطالب بتطويرها وبقائها وتحديد هوية المشاركين، فيها لأننا سئمنا من عدم انتظام البطولات العربية مقابل انتظام بطولات كؤوس الخليج للأندية والمنتخبات وما حدث هو حتما أمر غريب على الملاعب الإماراتية بهذا الشكل والمضمون وأقول: «كما حدث في زعبيل»، لأن هناك حوادث سابقة ولكنها كانت خفيفة طفيفة لم تؤثر لا على نتيجة ولا شكلت خطرا على حياة الموجودين على أرض الميدان.

ما حدث يجب أن يكون درسا نستوعبه ونبني عليه إيجابيا وليس سلبيا ولا بالمطالبة بإجهاض هذه البطولة وإنهاء مسيرتها، لأننا لو نظرنا إلى كل خطأ يحدث على أنه كارثة تستوجب قرارات «كارثية» لمنعنا كرة القدم نهائيا بعد مأساة حادثة هيسيل التي رافقت مباراة ليفربول ويوفنتوس عام 1985 في نهائي كأس أندية أوروبا، والتي ذهب ضحيتها 39 شخصا، ولكن الأوروبيين استفادوا من دروسها في بناء منشآتهم وزيادة الاحتياطات الأمنية في الملاعب وإلزامية حدودها الفاصلة بين المشجعين ومراقبة المشاغبين بكاميرات خاصة ومنعهم حتى من السفر مع أنديتهم وتعميم أسمائهم على دول الاتحاد الأوروبي وحرمان ليفربول سنوات من المشاركة أوروبيا في درس مؤلم، ولكن مفيد للأجيال التي تلت المأساة.