أمن يثلج القلب..!!

أحمد صادق دياب

TT

كم افتخرت وفرحت كثيرا وأنا أشاهد على شاشة التلفزيون ما قام به رجال أمن المهمات الخاصة في ملعب الأمير عبد الله الفيصل بجدة، وهم يقابلون ذلك التصرف الأهوج من مساعد مدرب الفريق الأوزبكي بونيودكور. بقدر ما كان الحدث مؤلما ومقززا، بقدر ما كان رد الفعل الرائع من رجال الأمن وهدوؤهم وتعاملهم الحضاري جميلا ومثيرا للإعجاب والفخر. تحية للرائد علي الحازمي والرائد عبد العزيز الزهراني والعقيد سعيد القحطاني والعميد جمعة وكل الرجال الذين افتخرنا من القلب بتعاملهم الحضاري.

كنت حاضرا أثناء التحقيق المبدئي مع البرازيلي المندفع وشاهدت عن واقع مباشر أسلوب التعامل المميز الذي مارسه رجال الأمن أثناء التحقيق، رغم أن زميلا لهم مصاب، وبلا سبب فإن واجبهم المهني كان أكبر من إحساسهم بالاعتداء، ومارسوا عملهم بكل مهنية واحترافية.

ما السر الذي يجعل من كرة القدم بهذه الشعبية الكبيرة؟ ما الذي يدفعنا لأن تصبح هذه اللعبة على هذا القدر من المتابعة والاهتمام؟ ما الذي يدفع ما يقرب من ملياري نسمة إلى متابعة نهائي كأس العالم عام 2006؟ لماذا تجاوز عدد ممارسي اللعبة على مستوى العالم (3) مليارات نسمة؟ لماذا بلغ عدد الحكام حول العالم 25 مليونا لمجرد لعبة؟ ما الذي يجعل من صحيفة محترمة مثل «جورنال دي برازيل» في 22\6\1970 تصف فوز البرازيل بكأس العالم وتشبهه بوصول الأميركيين إلى القمر؟ ما الذي يدفع بالمدرب التاريخي الكبير بيل شانكلي إلى القول: «بعض الناس يقول إن كرة القدم مسألة حياة أو موت.. وأشعر بالأسى فعلا حين أسمع ذلك، فكرة القدم أكبر بكثير من ذلك..»؟ لو استطعنا الإجابة على التساؤلات السابقة لتمكنا من فهم ماهية كرة القدم..

لكي نعرف قيمة وأهمية كرة القدم في العصر الحديث يكفي أن نعرف أن أطوال الخطوط الموجودة في ملاعب العالم تبلغ (25) مليون كيلومتر.. وهي مسافة تكفي للدوران حول الكرة الأرضة 25 مرة تقريبا.. لماذا يكون ركل الكرة هو أولى الحركات التي يندفع إليها الطفل في بداية نبوغه وحركاته؟ إنه سحر كرة القدم الذي لا يوازيه سحر آخر في أي لعبة، إنها أسلوب حياة جديد لا بد وأن نمارسه لنواكب الحضارة الجديدة.

نعم، كرة القدم لم تعد مجرد لعبة، فهي نوع من الحضارة الجديدة التي لا بد وأن نتعامل معها على أنها بصمة تعريف جديدة بتطور الأمم المختلفة، وكيف أنها الوحيدة التي لا تتعارض مع أي تقاليد أو عادات أو معايير دينية على مستوى العالم. إنها السفير الجديد للحضارات القادرة على تقديم الشعوب بشكل جديد. المسألة باختصار أن كرة القدم الحديثة تستحق ما يصرف عليها من ملايين، واهتمام كبير.