أولا أقدم اعتذاري عن الخطأ غير المقصود الذي وقعت فيه في مقالي في الأسبوع الماضي حين أشرت إلى أن أطوال الخطوط البيضاء في ملاعب كرة القدم المنتشرة حول العالم يمكن أن تلف الكرة الأرضية 25 مرة، والحقيقة التي تأكدت منها ويمكنكم العودة إليها من خلال كتاب «الكرة مستديرة» (THE BALL IS ROUND) لديفيد جولدبلات، الفصل الأول، هي أن أطوال الخطوط البيضاء في واقع الأمر تصل إلى 25 مليون كيلومتر، وبالتالي لا تلتف حول الأرض 25 مرة، إنما كافية لتلتف حول الكرة الأرضية ما يقرب من 1000 مرة!! مفاجأة أليست كذلك؟
يا صديقي المشاغب ها أنا أقدم لك المعلومة بعد التعديل مع مرجعيتها الكاملة.. أرجو أن تبحث عنها وتتأكد أن كرة القدم الحالية ليست مجرد لعبة، بل هي نوع جديد من الحياة..
نعم تداخلت كرة القدم مع كل شيء في الحياة، فقد أصبحت نوعا من التواصل والعمل والاستثمار والحب والكراهية والعنف والخلق الحسن والسلم والحرب.. الأمثلة كثيرة على كل ما ذكرت، ولا أعتقد أن أحدا يحتاج إلى سرده في هذا المجال.. يكفي أن جامعة أيتون للحقوق علقت على مدخل كلياتها منذ منتصف القرن التاسع عشر ما يلي: «كل محام قانوني في الكلية لا يمارس لعبة كرة القدم، مرة واحدة في اليوم على أقل تقدير، ومرتين في اليوم في الإجازات سيتم تغريمه نصف شلن مع ركله».. هل نستطيع أن نقول إن هذه مبالغة. أم أنها حمى كرة القدم؟
في ذات اليوم الذي كانت القوات الألمانية تغزو الاتحاد السوفياتي في عام 1941، وهو الحدث الأبرز في تصعيد الحرب العالمية الثانية، كان أكثر من 90 ألف مشجع يهتفون لمباراة نهائي الدوري الألماني بالاستاد الرئيسي ببرلين!! هل هي أهم من الحرب؟
قبل أيام مات أنطونيو سامرانش، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، هذا الرجل الذي صنفه البعض ذات يوم بأنه أقوى من زعماء عدد من الدول مجتمعين، بعد أن تم تصنيف كرة القدم ضمن ألعاب الدورة الأولمبية علقت الصحافة على ذلك قائلة: «لم يعد أقوى من عدد كبير من زعماء العالم فقط، ولكنه أصبح عالما جديدا لوحده»... إنها كرة القدم وما تفعله بالشعوب والمجتمعات والأشخاص.. ربما لو فهمنا هذا لفهمنا سبب تسابق الكثيرين على رئاسة الأندية لدينا رغم كل مشكلاتها التي لا تنتهي. من كان يعرف كثيرا من رؤساء الأندية لدينا قبل أن يدخلوا المجال الرياضي ويشاهدهم الناس كل يوم بسبب أو من دون على شاشات التلفزيون وعلى صفحات الصحف؟ إذا ما استثنينا الأمير الشاعر عبد الرحمن بن مساعد لا أتذكر أحدا في القدماء أو المحدثين...!! حاولوا أن تذكروني بأي منهم قبل الرئاسة؟