نجومية.. أي نجومية؟

عبد الرزاق أبو داود

TT

قرأت أحد الكتب التي تحاول إيهامك بطريقة ما بأنه بمجرد تتبع ما فيها من نصائح «أبوية» سيكون بإمكانك أن تكون أكثر قبولا ومحبة وشعبية لدى الآخرين.. هذا ما فهمته على أي حال. نصائح كثيرة تبثها مثل هذه الكتب التي لا تقتصر على المجال التعليمي أو التربوي أو الاجتماعي أو النفسي أو الاقتصادي لكنها تخطت ذلك إلى الجانب الرياضي والإعلامي وموضوعات أخرى متشعبة.

أعود إلى المجال الرياضي، وأرى مشاهد متداخلة، بعضها عفوي يجذبك بلا تكلف في تصور «الأنا» وتلونها بأشكال خادعة وكأنها صناعة هوليوودية. مثل هذه «النماذج» التي تطرح نفسها من خلال وسائل الإعلام ومناسبات كثيرة، وتبحث عن الظهور بطرق تبدو بريئة، وهي في الواقع بعض ما ينفرك وغيرك من هكذا أمثلة أو «شخصيات»، تعتقد أنها أذكى من غيرها، وما هي إلا صناعة إعلامية باهتة، فيما تظن أنها قادرة على اكتساب الرضا والتفوق، ومحاولة شراء المكانة والشهرة لا اكتسابها بالعطاء الحقيقي البعيد عن التكلف والمساندة الجاهزة حسب الطلب.

كل ما تقدم دار في أحاديث ساخنة عن نجومية بعض المنتمين إلى الوسط الرياضي، وأيهم الأكثر محبة وجاذبية لدى الجماهير الرياضية؟ وهي مسألة كانت ولا تزال تقاس بمدى إعجاب كل منا بهذا «النجم» أو ذاك، ناهيك عن كونها متغيرة باستمرار! مارادونا غرد في سماء النجومية وحيدا ذات فترة ثم انحدر إلى مكان سحيق.. بوشكاش كان سيد كرة القدم فانزوي بعيدا ومات ولم يهتم به كثيرون! من يذكر العمالقة دي ستيفانو أو ياشين ومحمد علي كلاي، وكم تبقى من اهتمام الناس بهم؟ إنها سنة الحياة، لكل زمانه ونجوميته، ولا يمكن أن تكون نجم الأمس واليوم وغدا. تلك هي الحقيقة المرة في أي مجال كان وليس في الرياضة أو الإعلام أو السينما فحسب.

لست هنا في وارد تقديم النصيحة لأحد، لكنها وجهة نظر، النجومية ليست حكرا ولن تدوم لأحد، ما يبقى هو محبة بعض الناس وتقديرهم لا أكثر ولا أقل، أما عدا ذلك فستجرفه تيارات سيول النسيان كما فعلت سيول شرق جدة عندما سدت منافذها الطبيعية عمدا وجهلا وطمعا، فارتدت كارثة على الضحايا الأبرياء، وطوفانا من الغضب والرغبة الجامحة الحقة في التصحيح ومعاقبة كل من تسبب أو شارك في «تواطؤ» خادع ضد مكونات وعناصر البيئة الطبيعية التي أبدعها المولى سبحانه وتعالى، واستغلال حاجة أخيه الإنسان وضعفه ليكدس المال الحرام ويتسبب في إزهاق أرواح بريئة.

أليس بعض هؤلاء «المتهمين» كانوا «نجوما ساحرة» في نظر البعض؟.. ثم ماذا أصبحوا اليوم وماذا سيكونون غدا؟ ميزان الحق والعدالة الذي يزن به ملك الإنسانية «عبد الله بن عبد العزيز» - حفظه الله وسدد خطاه - سيقول كلمته الفصل قريبا، فهناك فرق بين نجومية اكتسبت بالركض والبذل والعطاء في مجالات الحياة، وأخرى تراكمت تزكم الأنوف جراء شرائها بالمال الفاسد على حساب الوطن وأبنائه الأبرياء!