فكر عبد الرحمن بن مساعد..!

منيف الحربي

TT

قبل عامين بالتمام، كتبت هنا مقالة بعنوان «الهلال وقمر 14».. توقعت فيها كل ما يحصل حاليا في الزعيم، وكان من تلك الأسطر النص التالي:

«... يأتي عبد الرحمن بن مساعد للرياضة وهي مليئة بالأسماء الكبيرة والتجارب المتعددة، لكن الكثيرين يراهنون بثقة على أنه يستطيع - بما وهبه الله من فكر - تحقيق أكبر الطموحات وقيادة فريقه إلى آفاق رائعة لم يحلق فيها من قبل، وبالنسبة لي شخصيا أترقب فترة رئاسته بلهفة لإيماني أننا سنرى نموذجا حضاريا في إدارة الأندية، يضيف ويثري حراكنا الرياضي... يأتي عبد الرحمن بن مساعد لكرسي رئاسة الأزرق وهو الوحيد، بين رؤساء الأندية، الذي يمتلك جمهورا محبا ينتمي لكل الأندية ويشجع رئيس الهلال، ولا أدري هل هذه الميزة ستساعد أبا فيصل أم أنها ستكون تحديا آخر أمام رجل التحديات الصعبة..»!!

حينما كتبت ذاك الكلام لم أكن أضرب بالرمل أو أقرأ الفنجان.. كنت ببساطة مثل كثيرين أحبوا الشاعر الملهم والأديب المثقف والإنسان المبدع والأمير الراقي والرجل النبيل عبد الرحمن بن مساعد، وآمنوا بأن من لديه هذا الفكر المضيء والخلق الرفيع والذكاء الحاد والروح الخلاقة، سيكون إضافة كبيرة للوسط الرياضي. لم أكن أتوقع أو أتوهم حينما قلت إن كثيرين يراهنون على أنه سيقود فريقه إلى آفاق لم يحلق فيها من قبل وإننا سنرى نموذجا حضاريا في إدارات الأندية وإنه سيكون رجل التحديات الصعبة... لقد قاد الهلال للقب القرن وأرقام قياسية لا تتكرر وصنع نموذجا إداريا في العمل الاحترافي، وخاض تحديات صعبة خرج منها منتصرا دون أن يسيء أو يشمت..!

لا أنزه الرجل عن الخطأ فهو بشر.. لكن المتأمل في إدارته للعمل الواسع في بيئة ضيقة، والمتفحص لخطابه النظيف في وسط ملوث، والمتابع لتعامله النقي في أجواء خانقة.. يدرك دون شك أنه نجح لأنه تمسك كل الوقت بإيمانه وثقافته وبكل ما يملك من صبر وسعة بال..!!

حتى المواقف العابرة والتفاصيل الصغيرة التي صادفت وجوده أضفى عليها من خفة دمه التي يخفيها المنصب الرسمي، ومنح بعضها من روح تساميه ما يجعلها دروسا معبرة.. حدث ذلك مع مذيع الـart الذي لم ينطق مفردة أروقة بالشكل الصحيح، ومع متطفلين زاحموه على الكاميرا، وحدث ذلك مع أفراد الأمن الصناعي الذين أضاعوا المفاتيح حينما كظم غيظه أمامهم وهو يقف طويلا بالانتظار، وعقب دخوله الملعب سأله الصحفيون عن الأمر لكنه قال في لحظة نادرة: عذرا لن أتحدث وأنا غاضب..!

إنه عبد الرحمن بن مساعد في صمته وحديثه، في سكونه وحركته.. وعندما يكثر الحديث عن احتمال مغادرته الوسط الرياضي (كما تردد قبل أيام).. يصرخ المنطق: لمن تتركها يا سمو الأمير..!