التعليق الرياضي

هيا الغامدي

TT

سعدت برسالة إيميل من معلق سعودي يشيد بما أكتبه في هذه الزاوية «الشرق أوسطية»، فهذا التفاعل بين كافة أجزاء المنظومة الرياضية أمر صحي وحيوي، وفي الحقيقة أخذتني العبارات لأجواء التعليق الرياضي، وبمخيلتي لاحت ذكرى زمن ماض وقف على عرشه عمالقة التعليق الرياضي كزاهد قدسي - رحمه الله - ومحمد رمضان، وعلي داود..، وهم القمم التي تشعر بأن كلا منها مدرسة (متفردة).. وقائمة بحد ذاتها!! وللأسف فإن المكتبة الرياضية - شحيحة - إن لم تكن خالية من المؤلفات التي تنقل التجارب الحية من هؤلاء العمالقة للجيل الصاعد.

الجيل المخضرم بين البين، فهناك من ابتعد، ومن اعتزل، ومن للتجربة قد نقل!.. وبقي الجيل الشاب عدة وعتاد الحاضر، الجيل الذي يعول عليه مستقبل التعليق.. لا - بالمملكة - فحسب بل بالعالم العربي، فمع زمن العولمة والانفتاح والفضاء والطفرة الثقافية - الإعلامية، أصبح المعلق السعودي «منتجا» قابلا للتصدير، والتدوير، والأهم.. «التطوير المستمر»، وبخاصة وأن الدوري السعودي لم يعد يقل عن الدوريات العالمية.. «طلبا».. ومنافسة من قبل قنوات الفضاء المفتوحة.. والمشفرة على السواء!!

ومهما كان.. يبقى الدور الذي يلعبه الجهاز الحكومي بالبلد - ابتداء - مسألة غاية في الأهمية، فالتلفزيون السعودي هو نقطة الانطلاقة الأساسية للنجوم والمبدعين بكافة المجالات، ومعظم الأسماء الكبيرة بسماء التعليق الرياضي هم من مدرسة «القناة الرياضية السعودية»، و«أتحدى».. أيا كان أن يثبت العكس، ومن يرمي بالاتهامات على «القناة السعودية» بالتسبب – في تهجير - عدد من المعلقين المبدعين الشباب، بسبب قلة حوافز الدعم المادي والعائدات، فإن التلفزيون نفسه هو من تبنى الموهبة وقدمها للفضاء على طبق من فضة، وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاحد!! وباعتقادي أن قناتنا الرياضية، مع الخطوات التطويرية المستمرة التي تضعها على عاتقها، قادرة على تجاوز - حاجز المادة - الذي حرم المشاهد السعودي من مسميات كُثر وجدت بالمادة، فضلا عن التقنيات، والاحترافية نقطة جذب أساسية بالخارج، ولا ننسى أن هناك من يستهويه التعليق على المناسبات الكبيرة (الدوريات العالمية)، وبخاصة إذا كانت مؤهلاته تساعده في ذلك.. «كاللغة الإنجليزية» مثلا، وهنا نشدد على أهمية توافر لغة أجنبية - ولو واحدة على الأقل - ليتمشى ذلك مع الوصف والتعليق على المباريات العالمية.

وبصراحة أعجبتني قناة «الجزيرة الرياضية» بالمشروع الذي يعنى بتصنيع «معلق المستقبل الرياضي» فهذا المشروع هو جزء بسيط من اتجاه القناة القطرية لتفعيل دور الإعلام في التطوير الرياضي والتعليق جزء من المنظومة!

«جائزة زاهد قدسي للتعليق الرياضي».. تحرك جميل تخطى حاجز المحلية للعالمية لسنوات ولا يزال! والمسؤولية باتت على «القناة الرياضة» أكبر، فلا يكفي فتح الأبواب للمواهب الجديدة. والموهبة وحدها لا تكفي في زمن يحكمه الاحتراف والمهنية، ولكن «التطوير» من خلال الدورات «التثقيفية/التدريبية»، وهي ضرورة تستدعيها الحال، فالتعليق لم يعد مهنة الصراخ والانفعال، ولكنه أصبح علما قائما بحد ذاته، يتطلب الثقافة، والاطلاع على شتى العلوم الإنسانية، والإقناع، وجذب المشاهد بأسلوب حيوي، وصوتا يجمع بين القوة والحضور والتمكن، والتركيز الذهني، والحياد والموضوعية، والبعد عن المجاملات والانتماء والضغوط والمؤثرات، التي هي من أعظم كوابح الانطلاق والنجومية!!

فهد العتيبي، عبد الله الغامدي، محمد غازي صدقة، هاني الغامدي..، أسماء شابة جديرة بالاهتمام والمتابعة، متى ما استمرت على نهج التطوير الذاتي، فعن جد هؤلاء سرقوا الأضواء – في وقت قصير - من نجوم الفضاء العربي، وإذا كان البعد عن الميول مطلبا.. تلافيا لإشاعة ثقافة التعصب، فإن المطلب الأكثر هو تنقية المفردات المستخدمة من مصطلحات الحروب والمعارك، لما لها من تأثير في انتشار العنف اللفظي والمادي في الملاعب الرياضية، ويبقى الصقل والتطوير المهام الأولية، فخيارات الفضاء لا ترحم، «هي دي».. متطلبات العصر.. زمن الاحتراف.. يا ربااااااه!

[email protected]