تخطيط وما أدراك ما التخطيط

عبد الرزاق أبو داود

TT

إذا ما تتبعنا مسيرة أنديتنا الرياضية وتصريحات مسيريها فإننا سنلاحظ توالي استخدام كلمة «تخطيط».. ولما كان التخطيط هو: صياغة أهداف محددة ضمن رؤية عملية قابلة للتحقيق وتبيان الخطوات العملية لتحقيقها عبر مراحل زمنية مبرمجة، وتخصيص الموارد المادية والبشرية لإنجاح هذه الرؤية المتكاملة، فإنه من الممكن تتبع إخفاقات ونجاح هذا النادي أو ذاك من خلال دراسة العملية التخطيطية ومسيرتها في أي ناد، هذا إن وجدت أصلا، فغالبية أنديتنا لا علاقة لها بالتخطيط أو شيء من ذلك في الأغلب، وإنما هي «بارعة» في إرسال «إشارات» وإطلاق «شعارات» و«وعود» «مضللة» واستجداء عطف ورضا المحبين والداعمين والجماهير وسائل الإعلام خاصة.

التخطيط الرياضي ليس مجرد وعود وأمنيات أو استقطاب بضعة أشخاص والحصول على تبرعات، أو تحقيق بطولة كروية مهما كان حجمها، إنه أحد الأسس الضرورية ضمن عملية الإدارة الرياضية العصرية، التي تستوجب قدرة ورؤية وأفقا وإلماما كاملا بالقدرات والموارد والأهداف والأساليب وتوزيع المهام العملية، وحشد الموارد والطاقات الضرورية ضمن رؤية شاملة ومرنة، يتم اعتمادها وتنفيذها بصورة مرحلية مقننة لا تقبل الاجتهادات أو المجاملات.

أنديتنا أبعد ما تكون عن مسألة التخطيط هذه، وكل ما هنالك تكوين مجلس إدارة من خلال عملية تختلف حسب ظروف كل ناد، فيما خطوطها العامة واحدة تقريبا، مرشح مدعوم أو «مليء» يقوم باختيار المقربين منه عادة لشغل المناصب المختلفة في النادي، ثم الاتفاق على توزيع بضع مهام بطريقة أن هذا «يعرف» في لعبة والآخر «ملم» بالأمور المالية والثالث «مارس» السباحة على الظهر، والرابع يجيد التصريحات.. وغالبا ما توكل كرة القدم إلى الرئيس فهي مجال تخصصه وتخصص كل رئيس، والتعاقد مع مدرب ومساعديه عبر «الوسطاء» مقابل مبالغ تتصاعد سنويا، والتعاقد مع أعداد من اللاعبين في كرة القدم وغيرها من الألعاب حسب توافر الموارد المالية أو سخاء الداعمين، ونادرا ما تكون عملية اختيار هؤلاء قائمة على دراسة موضوعية تعبر عن احتياجات فعلية، وجل ما يجري مجرد تنفيذ رغبات ووجهات نظر شخصية قائمة على «قناعات» خاصة لا علاقة لها بواقع الفرق أو عمليات التخطيط المنهجي.

مسائل أو مسلسلات تتكرر كل عام، فإن خطف هذا النادي أو ذاك بطولة كبيرة انطلقت «المنافذ» الإعلامية مهللة صادحة مادحة عملية «التخطيط البارع» وقدرات رئيس النادي الخارقة ومثاليته وأخلاقه وحسن تعامله ودهاء مدربه وهلم جرا. وإن خسر ولو كان مدربه فيرغسون أو مورينهو وصرف عشرات الملايين من الدولارات فسيواجه حملات إعلامية تجعله يعض أصابع الندم على قبوله هكذا مهمة.

لنعترف بأن أنديتنا تفتقر إلى عمليات التخطيط المنهجي، والدليل توالي التغيرات وعدم الاستقرار التي تشهدها سواء في مدربيها ولاعبيها وإداراتها سنة بعد أخرى، فـ«المسألة» «هنا» لا تقاس بمعيار علمي أو منطقي، وإنما تحكمها العاطفة والأهواء والمصالح المختلفة.