ماذا ينقصنا؟

مصطفى الآغا

TT

ليس سرا أننا كعرب نصرف على كرة القدم «بالهبل حينا وبالمقدور عليه أحيانا»، لكننا في المجمل من الشعوب التي تعشق الكرة بجنون، ونرى فيها «معادلا وطنيا» يعوض عنا ما يشعر به البعض من إخفاقات سياسية واقتصادية وحتى ثقافية، فوصفها البعض بأنها المتنفس الوحيد للشباب «الطهقان من عيشته».

قد يكون الكلام دقيقا أو صحيحا وقد لا يكون، لكن من يقرأ في الخارطة الكروية العربية من البحرين حتى المغرب يرى أننا نأتي بخيرة مدربي الكرة الأرضية ونصرف على المنشآت مليارات الدولارات ونجلب أفضل المحترفين أو من بقي فيهم الرمق الأخير.. فالبحرين تعاقدت مع النمساوي هيكرسبرغر، والمغرب يسعى للبلجيكي غيريتس مدرب الهلال الذي سمعنا بقيامه بزيارة وصفت بالسرية للمغرب، علما بأن أكثر من منتخب كان يريده في نهائيات كأس العالم الحالية، وفي قطر هناك ميتسو وحاجي وميليتونوفيتش وكايو جونيور وكوزمين وشتيلكه وباكيتا وإيمرسون لياو وتاردي وبانيد وسيموندي، وهم من كبار المدربين في العالم، وفي الإمارات مر عليها شايفر العاطل عن العمل، وبراغا ولاسلو بولوني وسيريزو، وزينغا الذي انتقل للسعودية، إلى جانب غيريتس ومانويل جوزيه وبيسيرو، وفي السودان كامبوس وكاربوني.. ولم نسمع باسم مهم في عالم التدريب إلا ومر على منطقتنا من زاغالو وكارلوس ألبرتو وسكولاري وكيروش وفينغادا ولازاروني وبونفرير وماتشاللا، ومنهم من توج بطلا للعالم مع منتخبات أخرى..

ويوجد لدينا أيضا خيرة محترفي العالم، ومنهم أفضل لاعبي العالم سابقا مثل الليبيري جورج وياه والإيطالي كانافارو والبرازيلي ريفيلينو والأرجنتيني باتيستوتا والهولنديين دي بور وكومان والفرنسيين لوبوف ودوساي وعشرات من البرازيليين آخرهم جونينهو أفضل لاعب في الموسم القطري الماضي في أول ظهور له هناك.. واستضفنا كؤوس العالم للشباب والأندية، وبطولات أمم آسيا، ودورات الألعاب الآسيوية، ومهرجانات لها أول وليس لها آخر، ومع هذا وخلال 80 سنة من عمر كؤوس العالم فزنا بـ7 مباريات من أصل 54 مباراة لعبناها، وتأهلنا مرتين فقط للدور الثاني رغم أننا أبطال آسيا 5 مرات وأبطال أفريقيا 11 مرة وأبطال دوري وكأس هاتين القارتين بعدد شعرات رأسي..

وأنا شخصيا أرى أن التأهل لنهائيات كؤوس العالم في مرحلة من المراحل شرف ومكسب دعائي وإعلامي في عصر لم تخترع معه الأقمار الصناعية ولا الإنترنت ولا الفضائيات، لكن الآن ومع تطور كرة القدم ومع تطور نظرتنا لهذه الرياضة ومع تنامي صرفنا واهتمامنا بها أعتقد أن وصول منتخب عربي واحد للنهائيات هو سقطة للكرة العربية من محيطها إلى خليجها، ويجب أن يدرس كل بلد عربي سبق له أن تأهل للنهائيات وغاب عنها حاليا ألا يصف ما حدث بأنه كبوة جواد فقط، بل أن نغوص في الأسباب التي غيبتهم عن كأس العالم، وألا تكون الدراسات انفعالية آنية تنتهي «أعراضها» بمرور الزمن ونسيان الإخفاق كما سبق أن شاهدنا وقرأنا وسمعنا في الكثير من الدول التي كانت تمثلنا بشكل تقليدي، وأعتقد أن غياب الكرة المصرية لعشرين سنة كاملة وهي المتوجة 7 مرات بطلة لأفريقيا منها آخر ثلاث مرات متتالية هو الآخر لغز محير يجب أن يتم حله أمس قبل اليوم.

بالتوفيق للمثل العربي الوحيد، لكن من حقنا أن نشاهد أكثر من ممثل واحد لـ22 دولة عربية تصدعنا فضائياتها ليل نهار بكرة القدم ومشكلاتها وأحداثها وصراعاتها.