لماذا قطر؟

مساعد العصيمي

TT

لا تمتلك قطر مساحة كبيرة من الأرض، لكنها تمتلك الإرادة القوية التي جعلتها تتجاوز كل الصعوبات، ولتصنع بنفسها ومن هذه المساحة الصغيرة مستقبلها، معبرة عن إرادة لا تقف عند حدود. تجاوزت من خلالها لتصبح بلدا دخل معايير الأفضل نموا خلال العقد الجاري، ولتعبر عن التنمية بكل تجلياتها الحقيقية لتكون قريبا وجهة المتعلم وبلسم المستشفي، من خلال مدينتين تعليمية وطبية قلَّ نظيرها في العالم.. وبعدهما هي تسعى الآن إلى أن تحقق تطلعها الثالث.. المتمثل في قدرتها الحاضرة على تنظيم أكبر حدث رياضي عالمي.. بطولة كأس العالم لكرة القدم.

هنا نعلم أنها هي ليست كالبرازيل عاصمة كرة القدم، ولا كبريطانيا منبعها، ولا حتى كإسبانيا والأرجنتين في قيمة تفوقها الكروي.. لكن هي قادرة على أن تكون عاصمة كرة القدم على كوكب الأرض خلال عام 2022، حينما تستضيف المونديال، لتكون محط كل عشاق اللعبة في جميع أنحاء المعمورة.. هي تملك كل المؤهلات التي تجعلها في موقع المفضل لتنظيم الحدث.. من جراء الحضارة الارتقائية التي يعيشها هذا البلد الصغير في مساحته، الكبير في طموحه، فإن كان ثمة ملاعب مطلوبة فهي حاضرة، وإن كان سعة وإقامة فهي متوفرة، وإن كان للطقس حال فتقنية تكييف الملاعب معتمدة. لكن ماذا عن الإشكالية التي تقض مضجع الفيفا، وهي الناحية الأمنية؟ نقول إن من أراد تنظيم 2022، ونعني بهم القطريين، هم ينتمون إلى مجتمع الأمن والأمان، واسألوا إحصائيات الأمم المتحدة.

حاليا العالم يعترف بالتفوق القطري والقدرة الهائلة على التنظيم، وشواهد ذلك الماثلة أمام محيا الفيفا ومقيميه. لكن ماذا عنا كعرب؟ من جهتنا نتمنى أن نكون في الواجهة من خلال تنظيم الحدث الأهم، والسبب أننا لا نريد أن نستمر مستقرين في الفناء الخلفي من العالم المعاصر. لنا تجاربنا في طلب التنظيم واسألوا مصر والمغرب، ولن نقول عنها إنها كانت فاشلة، بل كانت تفتقد المقومات المطلوبة.. لكن الآن نملكها من خلال قطر.. نعيشها ندركها، وبما جعلنا أكثر تفاؤلا بأن ديسمبر (كانون الأول) المقبل سيشهد انطلاقة وارتقاء للحلم العربي الذي أعياه بقاء أصحابه في الصفوف الخلفية.

حينما نشير إلى ذلك فلسنا ننفخ في الهواء ولا نعبر عن أمنيات أكثر منها حقائق، حتى إن الأمر لا ينطلق لأجل رغبة مسيري الفيفا بأن يكون جزء جديد من العالم حاضرا في التنظيم كما هو الشرق الأوسط، بل لأن هناك مقومات فائقة الدقة والقيمة يحملها الملف القطري. ويكفي أن نستشهد هنا بالمحايدين إعلاما والمؤثرين ممن قرأوا موضوع المتقدمين لكأس العالم 2022، وخرجوا برؤية محايدة بعد أن خلصت إلى جودة العمل القطري.

نحن متطلعون.. والتفاؤل شعارنا.. وقطر محل رهان مضمون. من أجل ذلك ننتظر المونديال القطري لعل فرحه يذهب ببعض الألم العربي خشية أن لا يكون له موقع بين أعضاء العالم المتقدم.

[email protected]