كأس التشويش!

مسلي آل معمر

TT

في كل بقاع الأرض يقضي الرياضيون وغير الرياضيين أوقاتا ممتعة في الفرجة على نهائيات كأس العالم المقامة حاليا في جنوب أفريقيا، حتى أولئك الذين لا يهتمون كثيرا بالمستديرة وهمومها وشجونها وجنونها، لأن الوضع يتحول في مثل هذا الوقت من كل أربع سنوات إلى حمى عالمية، وكما كتب للجميع المتعة في كل مكان، فقد كتب لنا نحن العرب أن نستمتع ولكن على طريقتنا الخاصة، وهل هناك ما هو أكثر إمتاعا بالنسبة لنا من «الخناقات»؟

لن أجيب على السؤال السابق بل سأحيل الإجابة إلى كل واحد منا، وسأحيلها أيضا إلى كل من تابع بطولة «كأس التشويش» بين قناة «الجزيرة» والقائمين على قمر «نايلسات»، وهي البطولة التي غطت بأحداثها على أحداث المونديال من خلال تبادل الإتهامات والتصريحات والتلميحات مع ضربات تحت الحزام، فالأخوة القطريون لا بد أن يقدموا مبررا لمشتركيهم جراء انقطاع البث، وفي المقابل يبدو أن الإخوة المصريين فضلوا أن يكون الجزاء من جنس «الخدمة» حتى ولو كان ذلك على حساب سمعة «نايلسات»، ومن وجهة نظري الشخصية فإن كل ما حدث أمر طبيعي بينما الغريب أننا اكتفينا بالمشاركة بمنتخب واحد هو الجزائر بعد أن تجاوز «خناقة» مصر!

أقول لمن يريد المتعة والفرجة في المونديال عليه أن ينسى أنه عربي طوال وقت البطولة ويتابع كريستيانو ورفاقه أو ميسي وفرقته، أما إ ذا أراد أن يتعاطف مع فريق فمن الأجدى أن يختار كوريا الجنوبية وهو المنتخب الذي أتمنى أن يكون حصان البطولة الأسود كما فعل في مونديال 2002، وذلك لكي يثبت أن صناعة كرة القدم تحتاج إلى خطط علمية مدروسة بالفعل، وتحتاج إلى احترافية ابتداء من أكاديميات كرة القدم الصغيرة وانتهاء بالمنتخب الأول، وإذا ما نجح المنتخب الكوري في تقديم صورة زاهية في جنوب أفريقيا فأعتقد أن ذلك يعتبر انتصارا للعمل المنظم والاحترافي الذي لن نصل إليه حتى تتغير ثقافة العمل والتفكير وصنع القرار لدينا، وهذا التغير لن يحدث إطلاقا إذا لم نسع إليه بإرادة قوية يساندها إعلام واع ومستقبل هدفه المصلحة العامة وليس مصالح الأندية وكسب ود المسؤولين.

أعود إلى كأس العالم ومنافساتها ونقلها التلفزيوني، فأقول إن أي قناة ناقلة بإمكانها أن تسهم في إنجاح الحدث نجاحا باهرا وقد تفسده، وها هي البوادر تشير إلى تغطية مميزة «برامجيا» ومستنسخة من تغطية قنوات «راديو وتلفزيون العرب» لمونديال 2006 في ألمانيا، مما قد يجمل المونديال في عيون المشاهدين أكثر، وهذا عكس ما شاهدناه في تغطية الدوري السعودي الذي أصبح باهتا على «الجزيرة الرياضية»!