من أنا في كأس العالم؟

مصطفى الآغا

TT

بما أننا 22 دولة عربية لكل واحدة مقعدها في الأمم المتحدة وأحيانا يزور بعضها مجلس الأمن كأعضاء غير دائمين ولدينا عشرات البطولات ومئات الأندية ونصرف ملايين الدولارات ونبني عشرات الملاعب والاستادات ومع هذا لا يمثلنا في كأس العالم سوى منتخب واحد لهذا احترت فيمن أشجع زيادة على المنتخب الجزائري وبعد طول تفكير اهتديت للحلول التالية:

فرغم أنه لا يوجد لي لا فرع ولا شجرة ولا جذر ولا أي علاقة باليابان أو كوريا شمالها وجنوبها فإنني أنتمي للقارة الآسيوية التي تجمعني بهذه الدول لهذا أجدني مدفوعا «بالغريزة الجغرافية» لتشجيع منتخباتها في كأس العالم «الأفريقية» وبما أنني أيضا أنتمي لدولة من دول العالم الثالث لهذا أيضا أشجع كل دول العالم «المنتوفة والمضغوطة والباحثة عن التطور والتقدم» والتي تشبهني وتشبه ملامحي.

وبما أنني متوسطي فلهذا أقف مع فرنسا وإيطاليا واليونان وإسبانيا وحتى البرتغال وكل الدول التي تطل على هذا البحر الجميل.

وبما أنني أعاني من قوة وجبروت وظلم وعدوان إسرائيل ومن يحميها ومن ساهم في وجودها لهذا أكره وأقف ضد منتخبات مثل أميركا وإنجلترا، ولكن المشكلة هي عندما يلعب الدراويش مع بعضهم البعض أو يلعب الجبابرة ضد بعضهم فأحتار مع من أقف لأنك إن كنت عاشقا لكرة القدم وتريد أن تستمتع بأي مباراة تتابعها فلا بد أن تختار فريقا أو لونا أو مجموعة تشجعها ضد المجموعة الأخرى وإلا فإنك لن تستمتع نهائيا بما تشاهد، وهو ما حصل معي في لقاء إنجلترا مع أميركا التي دقت كل نواقيس الخطر بعدما قدمت منتخبا قويا أرهب أعصاب الإنجليز الذين اخترعوا الكرة واخترعوا أميركا.

ولكن هذه الدولة التي لم تمارس كرة القدم إلا مؤخرا وليست هي لعبتها الشعبية الأولى ولا الثانية أحرجت إنجلترا وقبلها البرازيل في كأس القارات وتجربتها تستحق أن ندرسها بعناية مثل التجربة اليابانية التي كانت «ضلعا قاصرا للعرب في آسيا» ثم باتت لغزا صعب الحل وضيفا دائما في كؤوس العالم التي تصلها للمرة الرابعة على التوالي وحقق منتخبها ثلاثة ألقاب لأمم آسيا في آخر خمس بطولات علما بأنهم بدأوا دوري المحترفين عام 1993.

أما كوريا الجنوبية فنالت المركز الرابع في كأس العالم التي استضافتها ولقنت اليونان درسا في افتتاح مبارياتها في جنوب أفريقيا لدرجة وجدتني معها أغني «أنا كوري والأجر على الله».

ولظروف الطباعة نرسل المقالة قبل معرفتنا بنتيجة مباراة الجزائر مع سلوفينيا والتي نتمناها طبعا جزائرية ونتمنى أن نبقى أبعد مسافة ممكنة في هذا المونديال الذي سيعطينا الكثير من الدروس وعسى أن نتعلم بعضا منها وإن كنت لا أعتقد ذلك لأنني أكتب عن نفس الدروس منذ 30 سنة ولم نتعلم أيا منها.