التشفير.. آخر هموم الفقير!

صالح بن علي الحمادي

TT

على شاشة قناة «الحرة» وعند منتصف ليل الأربعاء التاسع من يونيو (حزيران) الحالي.. جمعني الزميل المذيع سيد يوسف بالزملاء.. حازم الهواري عضو الاتحاد المصري لكرة القدم وحميد السباحي الصحافي المغربي وفادي سعد المحامي اللبناني المعروف والدكتور المستشار الجزائري في المركز العربي الأفريقي للإعلام والتنمية.. للحديث لأكثر من ساعة.. عن تشفير مباريات نهائيات كأس العالم!!، وكيف يحرم الفقراء من رياضتهم المفضلة؟! وهل ارتكبت قناة «الجزيرة» ذنبا لا يغتفر؟! وكعادتنا كـ(عرب) كان لكل منا توجهه الخاص.. لكننا وعلى غير العادة!! ظللنا نحترم وجهات نظر بعضنا بعضا.. مهما بلغ حجم الاختلاف! ولأن كاتب هذه السطور.. العبد الفقير إلى ربه.. لأول مرة يتحدث عبر هذه القناة السياسية؟! وأتمنى أن لا تكون الأخيرة!! لأنني وعلى الرغم من عدم ارتياحي للسياسة وساستها وجدت لذة عميقة في وجداني وأحاسيسي ومشاعري وأنا أتحدث بقوة عن هموم فقراء عالمنا العربي المترامي من الماء إلى الماء!

يا سادة ويا أحبة ويا كرام.. «الجزيرة» وغير «الجزيرة» كل وسائل الإعلام تسعى لتقديم خدمات مميزة توسع من دائرة متابعيها، وبالتالي من حقها فرض الأسعار التي تكفل استرداد ما صرفته على الأقل ناهيك عن الربحية.. هذه ناحية.. لكن الناحية الأهم هل «الأنظمة السياسية» كما سماها الزميل يوسف أو الحكومات العربية كما نسميها نحن مطالبة بتوفير مشاهدة مجانية لمباريات كرة القدم العالمية؟!.. أو حتى فك التشفير؟

لا.. ونعم!!

أكيد أنكم تتساءلون.. كيف؟!

لا.. ليست مسؤولة كـ(حكومات) عن فك التشفير أو توفير المباريات مجانا من خلال تحملها التكاليف؟ لكنها (أي الحكومات).. نعم مسؤولة جدا عن توفير العيش الكريم والحياة الجيدة لمواطنيها.. من كافة السبل.. مواصلات واتصالات.. صحة وتعليم.. أمن وأمان.. وكل هذه لا تأتي إلا مع وفرة فرص العمل للمواطن في بلاده.. ومن تحقق ذلك؟! لا شك لدينا في أن المواطن لن يكون فقيرا أو معدما لدرجة لا يستطيع معها شراء كارت مشاهدة مباريات نهائيات كأس العالم كل أربع سنوات بـ(مائة) دولار أميركي.. أو ثلاثمائة أو أربعمائة دولار؟!

بصراحة أكثر.. عندما تقوم دولة عربية بالتعاقد مع أجهزة فنية كروية لمنتخبها القومي بتكلفة نحو نصف مليون يورو في الشهر.. والهدف بلوغ نهائيات كأس العالم!! في وقت البطالة فيها ضاربة أطنابها سنوات وسنوات وشبانها «يتسولون» العمل في الشوارع الأوروبية.. فلا شك لدينا أن الفقر سيزداد والعوز سيتواصل.. ووقتها لن يكون هم الفقير.. هل هناك تشفير أم لا؟!

الأكيد أن لعبة كرة القدم هي لا شك تسلية وترفيه للأغنياء.. وداء ودواء للفقراء على حد سواء لعلهم يدفنون معاناتهم اليومية في متابعة مباراة كروية عالمية.. لا ناقة لهم فيها ولا جمل!

السؤال العريض.. لماذا في العالم يتقاضى الكروي في الشهر الواحد ما يعادل مكافأة نهاية الخدمة (40 سنة) لمن هم في رتبة لواء.. مهندس.. أو دكتور.. أو حتى دكتور مهندس لواء؟! هل من إجابة؟!

[email protected]