عداءات مونديالية

مساعد العصيمي

TT

لعل في الاستفتاءات والقراءات التي تسبق انطلاقة المونديال أو حتى تتم أثناءه كثيرا من التشخيص لواقع العلاقات بين المجتمعات.. ويلفت نظرك في كثير منها مدى العدائية التي يكنها شعب تجاه آخر.. بل تلحظ أحيانا مدى الغيرة وعدم التواد بين جارين أو شعبين متداخلين، ولعل أكثر ما لفت النظر ما ذهب إلى سؤال طرح حول «المنتخب الذي لا تفضله».. والاسكوتلنديون عبر تقرير اجتماعي نشر كان كثير منهم لا يتمنى فوز المنتخب الإنجليزي في المونديال، بل تشم من بعض الإجابات عدائية مستترة.. الأمر ينطبق على كثير من المصريين ورأيهم في الحضور الجزائري أثناء المونديال.. وتلحظ أن بعضهم يتوقع أن ينتقم الله من الجزائريين بسبب ما فعلوه تجاه مصر والمصريين.. بأن يجعلهم «ملطشة كروية» أمام فرق مجموعتهم.. وعكس ذلك ما ذهب إلى الكوريين الجنوبيين الذين تمنوا الخير والفوز لنظرائهم في الشمالية ويبدو أن الهدوء الآسيوي يكسب في النهاية.. قد يكون الغضب المصري وقتيا ومرتبطا بكأس العالم الحالية نظير إرهاصات مباراة الخرطوم وإسقاطات الإعلام في البلدين.. لكن ما بين الاسكوتلنديين لا يرتبط بزمن واحد ويبدو أنها حالة مستمرة.. وإن كنا قد قلنا مثل ذلك على الإنجليز والأرجنتين وما حدث بينهما من حرب الفوكلاند عام 1986.. ولمسة يد مارادونا الشهيرة التي تحولت إلى هدف في مرمى الإنجليز.. إلا أن إسقاطات التباغض ما زالت قائمة حتى الآن.

حاليا هناك كثيرون ممن لا يتمنون لأميركا أي تقدم والأمر ينطبق على الإنجليز.. ليس إلا لأن للأخيرتين سطوة سياسية أعيت كثيرا من البلدان، وبات اسماهما مرتبطا بالانحياز ومناصرة الظالم واسألوا الفلسطينيين عن ذلك.. غير التدخل السافر في كل منطقة في العالم.. فهل تجاوز الأمر لكي يكونا مكروهين منبوذين تشجيعيا؟.. رغم ذلك أجزم أن لمنتخب الأسود الثلاثة (الإنجليز) مشجعين وعاشقين من بلدان الكارهين نفسها.. لأن في جعبتهم إجادة كروية وتاريخا حافلا ونجوما لافتين.. لكن ماذا لدى الأميركيين؟ الأكيد أن لا شيء في كرة القدم.. وعليه يبدو أن عناوين الرفض وعدم القبول ستستمر.

وأعود إلى ما بين مصر والجزائر.. فهي إسقاطات لمباراة كروية واحدة الأكيد أننا سننساها لأن لدينا كعرب ما هو أكبر وأعنف من شحناء أفرزتها مباراة واحدة.. وهي على خلاف ما بين الاسكوتلنديين والإنجليز لأنه يمثل تاريخا سياسيا مليئا بالتحكم والسيطرة.. وشتان ما بين الحالتين.. وبين هذا وذاك كنت أتمنى أن أجد ما يطلعنا على رأي الكوريين الشماليين تجاه نظرائهم في الجنوب.. هل هم في إطار العاطفة والمحبة.. كما يفعل نظراؤهم.. أم أن تعليمات القيادة في بيونغ يانغ، هي من يحدد التعاطف والولاء.. ولا أهمية لرأي الرعية؟!

[email protected]