موت المدرب العظيم

مساعد العصيمي

TT

من الجميل أن تشاهد كأس العالم. ومن الأجمل أن تستمتع بالعطاءات التي تنتج عنه.. والجميل أكثر أن تجد فيه متسعا لمشاهدة كرة قدم حقيقية تنطلق من أفراد وهبوا أنفسهم لهذه الساحرة.. وباتت محل تركيزهم.. صادين عن كل ما من شأنه أن يبعدهم عن الإبداع فيها.

والسؤال: هل كأس العالم الجارية الآن في جنوب أفريقيا تحمل هذه الإيجابيات.. الأكيد لا..

ودعونا نقرأ اليوم أحوال المدربين، فبين مدربين باتوا كالدمى وآخرين عنوانهم التلاسن.. ونوع آخر ثرثار.. ناقم.. لا يكف عن التعرض للآخرين. وعليه فلن نعجب من عطاءات اللاعبين وتذبذبها بين فينة وأخرى ما دام هؤلاء هم مدربيهم.. لن أكثر في دومنيك لأن ما كان عليه يستحق مقالات لا مقالا.. لكن لنشر إلى ثرثرة مارادونا تلك التي باتت أكثر حضورا من عطاءات لاعبيه.. فتبرمه الدائم قد غطى على سحر ميسي وأهداف هيغوين.. ولا ننسى كابيللو الذي ما فتئ يهدد بالرحيل حتى وهو ينتمي للفريق المؤهل للفوز.. غير أنه قد بلغ الدور الثاني من البطولة.. وماذا عن بيريرا الذي نجح فقط بنيل أفضلية عالمية كون فريقه الجنوب أفريقي بات أول من ينظم ولا يتأهل إلى الدور الثاني.. وإذ أنسى فلن أنسى شيخنا رابح سعدان الذي كان ضغط الخسارة الأولى لديه من الثقل أن جعله يعلن أنه حضر ليؤهل لاعبيه لمونديال البرازيل فقط!

حديث المدربين خلال هذا المونديال.. هو حديث ممل طغى عليه النزق والأنانية.... لكن لن ننكر أن هناك من كان سيد الموقف قوي الشكيمة.. قادرا على أن يعمل بصمت.. لكن هل يستمر ذلك خلال الأدوار المتقدمة؟

سأبتعد أكثر عن الخوف الذي يطارد كل مدرب ليجعل من لسانه سبيلا لطرده، ولأتحدث عن مدرب استحق التقدير حتى وهو يخسر بنتيجة ثقيلة.. استحق الثناء لأنه شجاع.. وتحمل مسؤولياته برضا وأريحية.. هذا هو مدرب كوريا الشمالية.. الذي ما إن انتهت مأساة فريقه مع البرتغال إلا وحضر إلى المؤتمر الصحافي وتحدث بشجاعة الواثق بقوله: «لا تلوموا اللاعبين.. فأنا من يتحمل المسؤولية»، يشير إلى ذلك وهو يؤكد أنه هو من أفضى إلى تغيير المنهجية في الشوط الثاني، تلك التي أخلت بالفريق على حد قوله.. وعليه هو من كان السبب.. بلا شك تلك شجاعة نادرة.. لكن هل هناك من الأوروبيين من فعل ذلك؟.. لا أعتقد، فخبيرهم دومنيك.. ما زال يرفع عقيرته بالشكوى من أن هناك من عملوا ضده.. ولم ينس اللاعبين وزيدان وبيريرا.. وفي الأفق أسماء أخرى ستحضر بعد وصوله لباريس.

لن أقول إن المدربين قد أضروا كرة القدم.. لكن حقٌ لي أن أقول إن المدرب العظيم لم يعد موجودا.. كما كان من قبل؟!.

[email protected]