كيف أثرت السياسة في إبداع كرة القدم؟

محمود تراوري

TT

انشغلت فرنسا كلها بالخيبة عقب خروج فريقها الوطني من الدور الأول لنهائيات مونديال جنوب أفريقيا.

رئيس الجمهورية يستقبل تييري هنري أحد أقدم أعمدة الفريق بعد عودة اللاعبين. ما إن حطت الطائرة في مطار بورجيه بضواحي باريس حتى استقل هنري سيارة تابعة للرئاسة لتقله إلى قصر الإليزيه الذي دخله من باب جانبي في حين كان نحو مائة صحافي ومصور ينتظرونه عند المدخل الرئيسي. الحزب الشيوعي اعتبر الاستقبال لعبة سياسية يمارسها ساركوزي. لكن المراقبين يرون أن «اللعبة»، أعني كرة القدم، تتماس مع السياسة بامتياز. فمباريات بطولة كأس العالم لكرة القدم، وبالتحديد المباراة المرتقبة بين ألمانيا وإنجلترا، ألقت بظلالها على قمة مجموعة العشرين في تورونتو بكندا.

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يؤكد أنه لا يرغب في متابعة المباراة مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل رغم أنهما سيجتمعان معا اليوم في مكان واحد لحضور فعاليات القمة.

كاميرون قال في تصريحات لمحطة «آي تي في» البريطانية إنه سيحاول عدم الاقتراب من ميركل أثناء المباراة، وقال: «لا أدري إن كان هذا آمنا.. كلانا سيكون في حالة ترقب بعض الشيء». ميركل أعربت عن ثقتها في قدرة منتخب بلادها على التغلب على نظيره

الإنجليزي، وقالت: «أعتقد أن لدينا فرصة في هزيمة إنجلترا»، ولكنها أشارت في الوقت نفسه إلى أن المباراة تمثل تحديا كبيرا.

الرئيس المكسيكي فيليبي كالديرون كشف عن شغفه بكرة القدم ومتابعته لأداء منتخب بلاده في مونديال جنوب أفريقيا، وذلك لدى تلقيه أوراق اعتماد السفيرة الأرجنتينية في بلاده.

وقالت السفيرة باتريسيا فاكا نارفاخا بوجه باسم: «قلت للرئيس ليفز الفريق الأفضل. فرد قائلا: لا لا. لتفز المكسيك»، في إشارة إلى مباراة الفريقين المرتقبة اليوم. إذن اللعبة حاضرة بقوة في السياسة. بل يذهب كثير من المراقبين إلى ما هو أبعد حين يتأملون في نتائج الدور الأول وما أفضت إليه، حيث إن جل المنتخبات المتأهلة للدور الثاني تتمتع باستقرار سياسي وواقع ديمقراطي يمثل شرطا مهما من شروط الإبداع. وقد وفر لهم الفشل الذريع لكوريا الشمالية أنموذجا ساطعا لهذه الفكرة. وفي أفريقيا يجيء منتخب غانا (لست أدري هل واصل حضوره بالأمس أم طوى صفحة الحلم الأفريقي وغادر) كأنموذج في القارة التي تعد فيها الدول المتمتعة بمناخ ديمقراطي على الأصابع، ومنها غانا بطبيعة الحال. وهنا لا بد من التساؤل وتأمل واقع الوضع السياسي في منتخبات أفريقيا القوية التي كان ينتظر منها حضور أفضل، وفي مقدمتها الكاميرون ونيجيريا وإلى حد ما كوت ديفوار التي صعب مهمتها وقوعها في مجموعة ضمت البرازيل والبرتغال.

وفي ظل ما يبحث عنه المراقبون من تأثير للواقع السياسي في الإبداع الكروي، يمكن التساؤل عن أي دور للفيفا في دراسة وبحث الظاهرة، من منطلق أن هذه الإمبراطورية غدت منظمة سياسية بقوة في العقد الأخير؟