القيصر ولوف.. من ساعد ألمانيا ؟!

مساعد العصيمي

TT

في حكايات المدربين تجد كثيرا من المفارقات.. هناك من بينهم من يرى أنه البطل.. وعلى لاعبيه أن يرتقوا لكي يواكبوا ما هو عليه.. وهناك من يطلب العون منهم ويستجديهم في ذلك.. وآخر متسامح يقنع سريعا بتواضع فريقه، وينحو دائما إلى الاعتراف بأفضلية المنافس.. لكن هناك نوع واقعي مدرك لأبعاد عمله معتز بقيمته الفنية.. يخطط، يرسم الاستراتيجيات، يهيئ اللاعبين مع إيمان تام بأنهم هم محور العملية التنافسية وأساسها.. وأحسب أن المدير الفني لمنتخب ألمانيا يواكيم لوف هو من الفئة الأخيرة.. كشف عن ذلك خلال حواراته السابقة، حتى وهو يخسر في دوري المجموعات.. بل أكد على توجهه الراقي وهو يفوز أمس على إنجلترا.. حينما شدد على أن الهدف المبكر.. قد غير تماما من إستراتيجية المباراة وأضر المنافس الإنجليزي.. بل كان عونا للفوز بنتيجة كبيرة... هو لم يغالط الواقع، ولم يرم إلى إبداع خارق جعله يمسح منافسه، ومن ثم يهزأ به.

هنا وبعد ما صرح به لوف استرجعت الذاكرة ما أصر قيصر ألمانيا فرانتز بيكنباور على فعله، وكان لحوحا تجاه اتحاد الكرة الألماني لأجل تنفيذه قبل انطلاق المونديال.. وهو ما ذهب إلى تجديد التعاقد مع لوف لسنين أربع مقبلة.. القيصر كان يصر على ذلك وينتقد التأخير.. من جهتي كمطلع.. كان ما أشار إليه القيصر محل استغراب.. في ظل أن الأمر مرتبط بالمونديال، وعلى لوف أن يثبت جدارته كي يتم التجديد معه.. لكن بعد نظر القيصر كشف جهلنا.. لا سيما وهو المدرك الفاهم المطلع الذي يعلم القيمة العالية لهذا المدرب، وأهمية عدم ربطها بأي نتيجة مونديالية تحدث...فمرحى للقيصر.. ومرحى للفكر الكبير الذي يحمله هذا الرجل.

أعود إلى ما جد في خاطري بعد موقعة الألمان والإنجليز.. لأشير إلى أن من أهم عوامل التفوق أن تكون ذا استراتيجية لا تهتز سريعا، وهو ما كان عليه أبناء لوف.. حتى مع الاندفاع الإنجليزي كان ثباتهم حاضرا وتعاونهم لافتا.. وإذ أنسى فلن أنسى ذلك الفتى الذي بهر الجميع بتقنياته المهارية العالية.. وتمريراته الساحرة، وهو مسعود أوزال التركي الأصل، الألماني الجنسية، المسلم الديانة..

لست هنا معنيا بتسطير الإعجاب من زاوية الانتماء الآيديولوجي.. ولا القرب الجغرافي.. بل من زاوية التقنية العالية التي تأخذ بلباب المشاهدين من تلك التي تجعل الجماهير تهتف باسمه.. ليس لشيء إلا أنه قد منحها كثيرا من السعادة عبر أفضليات مهارية.. قل نظيرها خلال هذه البطولة.

أوزال.. من فئة لاعبين يُنتظر أن يكونوا على قمة المبدعين في العالم.. كيف.. لا.. وهو يقدم نفسه في الإطار الذي هو عليه ميسي ورونالدو.. وأحسب أنه سيكون عونا كبيرا لألمانيا لأجل بلوغ مراحل متقدمة من هذا المونديال.

[email protected]