أجمل عبارة مونديالية

مسلي آل معمر

TT

أصابتني الكآبة وأنا أستمع مكرها إلى معلق مباراة الجزائر وأميركا التي كسبها المنتخب الأخير وتأهل على أثرها إلى الدور الثاني. كان المعلق الذي لا أريد أن أعرف اسمه يتحدث عن انتصار وتشريف ورفعة رأس لنا كعرب، جراء ما قدمه محاربو الصحراء في المونديال، حيث مارس المعلق الذي كان يخاطب الأمة العربية ما يقارب الساعتين إلا ثلثا، جميع أنواع التطبيل والتمجيد حتى شككت أنني كنت أقرأ نتائج المباريات بشكل خاطئ أو مقلوب، أي أن منتخب الجزائر كان يتمركز في رأس جدول المجموعة وليس ذيلها.

ومع ارتفاع وتيرة الاستفزاز أدرت القناة بالريموت كنترول فوجدت لاعبي منتخب غانا يخرجون من الملعب مطأطئ الرؤوس بعد نهاية مباراة ألمانيا، وكأنهم قد ودعوا المونديال بخسارة ثقيلة، لكن المفاجأة بالنسبة لي عندما لاحظت أنهم تأهلوا إلى الدور الثاني، لكنهم فيما يبدو استكبروا الاحتفالية وهم يخرجون خاسرين أمام منتخب ألمانيا بفارق هدف، لهذا لم ينسهم التأهل حزن الهزيمة.

ما بين مشهدي الغانيين من جهة والجزائريين ومعلقهم من جهة ثانية كنت أتمنى عرض اللقطات والكلمات والصرخات على مجموعة استشاريين نفسيين لتحليل الشخصية العربية على مستوى الرياضة ومقارنتها بنظيراتها في المجتمعات الأخرى.. لقياس مدى ثقة الرجل العربي بنفسه.. وهل غيرنا يتقدم ونحن نتراجع أم أن ذلك كذبة كبرى!

أعود إلى المعلق الذي لو كنت مسؤولا عنه لحولته إلى التعليق على تغطية مراسم وصول الزعماء العرب إلى مقار القمم العربية، وهذا بالتأكيد سيكون شرفا له، وغير ذلك فهو مرشح للإبداع في هذه المهمة، بل قد ينجح في إزاحة أساتذته الكبار، وكيف لا ينجح وهو يملك تلك القدرة العجيبة التي صورت متذيل المجموعة السهلة وكأنه بطل للعالم؟ وبناء على ذلك التمجيد أصبحت الغالبية في الوطن الكبير من خليجه إلى محيطه تردد أن محاربي الصحراء شرفوا العرب في المونديال، هكذا سمعت أغلب المتصلين يرددون في إحدى إذاعات «إف إم».. فقد أصبحوا يرددون ذلك نقلا عن التعليق ليس إلا!

وبما أن الحديث هنا فيه شيء عن الإعلام، فلا بد أن أذكر ما قالته صحيفة أسترالية، بعد أن لامها اللاعبون بسبب توجيهها انتقادات حادة لمنتخب بلدها بعد خسارته في افتتاح البطولة، عندما قالت «لسنا ذراعا تسويقية لاتحاد كرة القدم»، في الوقت الذي مارس فيه المعلق الجزائري عملية غسل دماغ لما لا يقل عن 300 مليون عربي، وحول الهزائم من منتخبي سلوفينيا وأميركا إلى أمجاد، وأثبت أن الإعلام العربي ذراع مكسورة من فرط »اللي»، المهم في النهاية أن العرب ودعوا المونديال بشكلهم المعتاد، بينما خرج الأستراليون على الأقل بأجمل عبارة مونديالية!