النهائي المتكرر بين مارادونا وألمانيا

أليساندرو دي كالو

TT

إن كرة القدم تتسلى من حين لآخر برسم مساراتها السابقة نفسها، التي تكرر الأحداث السابقة نفسها دائما، ولكن مع وجود بعض التجديد، حتى في المونديال. فقبل أربع سنوات التقت الأرجنتين مع المكسيك في دور الستة عشر بالمونديال، والتقت مع ألمانيا في دور الثمانية. فأين التجديد هنا؟ لقد كان دييغو مارادونا في عام 2006 يبدو رجلا بعيدا عن الأحداث، وضائعا إلى حد كبير. واليوم عاد مارادونا كقط بألف روح إلى قلب الأحداث، بصفته قائد أوركسترا منتخب التانغو الأرجنتيني. إن الاختلاف بين الحالتين - بغض النظر عن الأخطاء التحكيمية المتكررة - يتمثل في أن منتخب الأرجنتين يتمتع هذه المرة بقدرة تنافسية أكبر من المونديال السابق.

إن منتخب الأرجنتين في المونديال السابق بقيادة خوسيه بيكرمان، المدير الفني الذي حقق لقب كأس العالم مع منتخب الشباب تحت 20 عاما مع الأرجنتين، لم يكن يلعب بشكل سيئ. فقد كان منتخب الأرجنتين في المونديال السابق أكثر توازنا وانسجاما، وأجمل عروضا وتكاملا من حيث المراكز، مقارنة بالمنتخب الحالي. ولم يتغير المنتخب السابق تماما؛ فقد كان هينزي وماسكيرانو وماكسي رودريغيز وتيفيز وميسي يلعبون بالفعل مع المنتخب الذي خاض مونديال ألمانيا 2006. لكن الروح هي التي تغيرت. إن الحماس أهم كثيرا من العقل. فمنتخب الأرجنتين الحالي يلعب بخطط وطرق لعب ارتجالية إلى حد كبير، لكن المساحة التي يتركها المنتخب الأرجنتيني خالية في الجانب الخططي تسمح لميسي وتيفيز ورفاقهما بالإبداع والتألق. وما زال ميسي متوقفا عند رصيد صفر من الأهداف، لكن كل هجمة يقوم بشنها تثير الذعر في المنافسين، وتؤدي إلى عواقب خطيرة عليهم.

وحول اللاعب المعجزة في نادي برشلونة، يكسب هيغوين، بالإضافة إلى تيفيز، مساحات وفرصا للتهديف. ومن السهل توقع أن يؤدي الضغط والهجوم الذي سيقوم به ثلاثي هجوم منتخب الأرجنتين في المباراة القادمة بالمونديال إلى انهيار مقاومة لاعبي قلب الدفاع في المنتخب الألماني، الذين يتميزون بطول القامة وبطء السرعة. ورغم ذلك لا يوجد شيء مؤكد. إن المواجهة بين الأرجنتين وألمانيا هذه المرة تحمل قيمة أكبر بكثير عن المواجهة السابقة بين المنتخبين عام 2006، فهي بمثابة مباراة نهائية، مثل المباراة النهائية التي جمعت بينهما في مونديال المكسيك عام 1986، أو مونديال إيطاليا عام 1990. وقد حقق مارادونا الفوز في المباراة الأولي في استاد أزتيكا بالمكسيك، بينما كان الفوز من نصيب ماتيوس وبيكنباور العجوز (الذي كان مدرب المنتخب الألماني في ذلك الحين) في الاستاد الأوليمبي بروما. ولا يمكن التكهن أو التأكد من أي شيء في ما يتعلق بتلك المباراة؛ لأن منتخب ألمانيا بقيادة لوف يتمتع بهدوء وثقة الأداء الجيد، وهو يعرف جيدا أنه قادر على مهاجمة وسحق أي فريق. والجميل في الأمر هو أن القيمة الإضافية التي يتمتع بها منتخب الماكينات الألمانية في المونديال الحالي، تأتي من لاعبيه الشابين أصحاب المهارة العالية مولر وأوزيل، وهما مشروعان لنجمين كبيرين ينضجان تحت أعين الجميع، من مباراة لأخرى. إننا سنشهد اليوم مباراة رهيبة ورائعة. وللأسف سيخسر بعدها المونديال أحد أبطاله الرائعين.