قناة «الجزيرة».. إبداع وإخفاق!

مساعد العصيمي

TT

كان جميلا ذلك الذي تفعله قناة «الجزيرة».. نقل على مستوى عال.. تحليل جميل وقراءات مستفيضة.. وبما يجعل المشاهد يتعلم ويزيد من حصيلته المعرفية عن كرة القدم، بل يرتقي ويدرك المعاني الجميلة لهذه اللعبة.

القناة فعلت كل ما هو عمل خلاق.. فبين المبدع أريغو ساكي إلى فينغر وكل جوقة الراقين الذين كنا على موعد معهم.. وأحسب أن وجود هؤلاء قد منحنا كثيرا من الإدراك لنكتشف أننا وإلى وقت قريب عانينا من غثاء المحللين لمنافساتنا العربية والمحلية.. حتى إن بعضنا قد غشاه ما غشاه من فرط تلبك في الفهم، وسوء في الإدراك أودى به إلى تصور كرة القدم.. عملا معقدا.. أقرب إلى علم الذرة!

نعم سعدنا بتلك الكوكبة.. سعدنا ببعض الحضور العربي الذي تم اختياره بعناية فائقة، ناهيك عن المقدمين الذين كانوا عونا مستمرا لدعم الرقي.

وإذ أنسى فلن أنسى.. أولئك الصادحين بالصوت، الذين ارتقوا بالتعليق لكي يكون علما قل من يدرك مناهجه، أولئك المتفوقين من نوعية سيف وكعبي وحفيظ طاروا بنا إلى آفاق جميلة وإثارة راقية غير مبتذلة.. عنوانها المعلومة الصحيحة والقدرة على تفسير الحدث.. ومعهم ومع من ذكرناهم قبلهم، أجزم أن المتعة اكتملت قبل المباراة وأثناءها وبعدها مباشرة.

لكن هل ما تلا تلك المباشرة يواكب تلك الجماليات.. بعد المرحلة غير القصيرة من كأس العالم.. ظل التقييم التحكيمي أقل من المطلوب، خاصة حينما بات جمال الشريف متسرعا، وكأن قدراته التحليلية أعلى وبكثير عما يملكه الحكام المشاركون.. فغير مرة أخفق في القراءة والتقييم، وبدا أن الأمر ينطوي على تسرع.. وعدم تركيز.. وشاهدنا خلال الأدوار الأولى.. كم من حكم أفرط في نقد أدائه، لنفاجأ أن من نال سياطه يحصل على أعلى الدرجات من مقيمي الفيفا.. والعكس صحيح.. ولعل في لقاء أول من أمس بين إسبانيا والباراغواي السقوط نفسه حينما جزم قاطعا أن هدفا مستحقا للباراغواي قد رُفض.. وأفاض وأفضى.. رغم أن المشاهد العادي يدرك ويعي أن المتسلل قد شارك في اللعبة وأثر على مسارها.. لكن هو صاحب رأي مخالف.. ولم يكن يعفيه من تسرعه هذا أن يعلن عن تراجعه بعد نهاية المباراة.. وإقراره بصحة العمل التحكيمي.. لأن الجميع أدرك أن هناك من كشف له فداحة ما وقع فيه.. هي ليست المرة الأولى.. ونتمنى أن تكون الأخيرة.

قصارى القول إننا سعدنا بقناة «الجزيرة» لأن شأنا احترافيا عالي القيمة تقدمه.. لكننا نتمنى أيضا أن تكتمل الأضلاع الإبداعية، وتكون كل عناوينها وخلال كل فقراتها على مستوى الحدث.. لأنها كذلك وتستحق الأفضل.

* ثمة ملاحظة فبعض القراء الكرام وخلال مقال الأمس المعنون بـ«ليست ألمانيا.. بل فاغنر وشومان؟!».. قد خلط بين الموسيقار الألماني روبرت شومان والموسيقار الفرنسي فريدريك شوبان.. واعتقد خطأ أننا كنا نعني الثاني.. لكن ما ذكرناه معلومة صحيحة لأن الحديث عن ألمانيا فقط.

[email protected]