زمن الكرة الأوروبية

هيا الغامدي

TT

المتأمل للحصيلة النهائية وحصاد فرق قارات العالم بالمونديال، يستطيع الوصول لحقيقة ظاهرة كوضوح شمس الصيف برابعة النهار، فالقوة، البروز، المستويات، الإبهار، النتائج، تجير للأوروبيين، بدليل وصول الأكثرية العظمى من فرق القارة العجوز لمراحل متقدمة! هولندا تلك الطاحونة المستمرة في التعاقب والدوران كانت قد مسحت عن طريقها كل سبيل لأحلام أضداد، مضوا لأوطانهم دون عودة!! أيضا ما صنعه الألمان من إبهار ماكينات لا تكف عن الضجيج والبلع المتواصل، وفق تصورات لوف، وقرب بالاك، تفاهم مولر وكلوزه وخضيرة...، ولا ننسى الماتادور، الوجه الجميل لأوروبا! هو اتحاد قاري مشترك، وقمة أوروبية مصغرة، تلك التي تعقد اجتماعاتها حاليا بالأرض الأفريقية الغنية بالخامات، وتضرب موعدا لنهائي حلم للكرة الأوروبية.

أما قارة أميركا الجنوبية فتأتي بترتيب تالٍ، فالبرازيل خرجت بزلة رجل ستظل تؤنب الدهر عليها، والأرجنتين غيبها مارادونا قسرا عن الحدث، والأروغواي جارت هولندا بمعركة السيادة، لكنها سلمت أمرها في النهاية، على طريقة بيدي لا بيدي عمرو.

آسيا القارة الصفراء مسرح ابن همام الكروي، أبدعت وأمتعت وسجلت حضورا بالغ الأهمية بهذا المونديال، فاليابانيون والكوريون الجنوبيون أذهلونا كثيرا بأفريقيا، هم فعلا شعوب تدرك معنى الاحتراف وتقدره، والتنظيم فتطبقه، والانضباط التكتيكي فتفعله، لتصنع النتائج، وتنتصر للوطن ومن خلفه وأمامه! أعجبني ابن همام قبل أيام وهو يمتدح نتاج القارة، تمنيت لو يعجبنا نحن أيضا نتاج عمل التطوير بالقارة، لا تكفي الإشادة، فالآسيويون بحاجة لمن يفتح لهم سبل النماء والنهضة والاستثمار أندية ومنتخبات. أتمنى أن تكون قد وصلت الفكرة!

أما أفريقيا قارة المونديال، التي أدارت تجاهها الألباب والعقول، فلم تنجح بإظهار الكرة الأفريقية المعروفة على حقيقتها، نيجيريا، الكاميرون، ساحل العاج، جنوب أفريقيا ماذا قدمت؟! ماذا فعل النجوم الكبار لأوطانهم؟! ما الذي قدموه ليضاهي ما يصنعونه بأوروبا من إبداع وإمتاع؟؟!

ما الذي أحدثه منتخب البافانا من اختلاف، أكثر من أنه أعاد للواجهة ذكريات قائد فني برتبة ضابط إيقاع مونديال بطلته البرازيل، نجح الأفارقة الجنوبيون في الحفاظ على توازن مونديال الحرية، رغم اختلاف الجنس، العرق، اللون، والمذهب، أفريقيا بلد الكاكاو الأسود، لم تعرف للبياض طريقا إلا من خلال غانا، التي غابت وتركت وراءها نور وجه تغطى باللون الأبيض في ظلمة ليل دامس، بددته أضواء الفرنجة! كم تعجبني السياسة الأوروبية القديمة الجديدة (الرقيق)، تجارة كرة قدم، وصناعة مستقبلية. لا يكفي أن نبهر بالأوروبيين، يجب أن نتعلم، نتطور، ونتقدم. صدقوني إنه مشوار يبدأ بخطوة، في عصرٍ زاده الجماعية والشمول، بحق إنه لزمن الكرة الأوروبية وحسب.