المونديال.. ألم وحسرة!!

مساعد العصيمي

TT

ها هي بطولة كأس العالم قد أزفت وحان رحيلها، ولم يتبق لنا منها إلا مباراتان.. إحداهما عنوان للانكسار، وأخرى هي ملتقى الأفئدة وعنوان الأفضلية.. كيف لا وإن نتيجتها ستمنح بلدا بأكمله الحبور والسعادة.

وعلى الرغم من فرط تعلقي بكأس العالم فإنني ما زلت أردد الحقيقة البائسة بأن البطولة الحالية قد جرتنا إلى الإحباط أكثر مما فعلت صوب الإمتاع. أردد ذلك وأنا أدرك عراقة هذه البطولة وسط إحساس بأنها ستستمر كذلك على مدار الزمن، وأنه لا مجال لإنكار أنها منحت كرة القدم مزيدا من التألق والإبداع والقدرة على التطور منهاجا ومهارة.

نعم، ففي هذا المونديال لم يكن هناك حدث جدير بأن يعلق بالذهن غير تألق الشباب الجدد في ألمانيا، والتقنية الجماعية التي عليها الإسبان.. وكفاح مخضرمي هولندا، ومع الحبور المتواضع الذي صدر من هؤلاء فإن الجدارة المهارية اللافتة قد اختفت، فمن كنا نحسبهم متألقين قد تساقطوا واحدا تلو الآخر من جراء سوء أداء وضعف منهجيات، فلا البرازيل قد أقنعتنا بحسن أدائها أو بتفضيل لاعبيها، ولا الأرجنتين استطاعت أن تمنحنا بعضا من تفاؤل بأن هناك منتخبا يلعب كرة القدم بشكل جيد، وهل أسأل عن الخائبين فرنسا وإيطاليا؟ إن فعلت ذلك.. فلن أنكر على أولئك الدالفين بسرعة إلى حقل المنافسة العالمية كما زامبيا والأوروغواي والباراغواي من أن حظا وشأنا متراجعا جدا لمنافسيهم قد منحهم الارتقاء إلى شأن لم يكونوا يحلمون به.

كل ما يخص كأس العالم الحالية قد أفضى إلى سيل من التعليقات في وسائل الإعلام المختلفة فحواها هل حقا ما شاهدناه يمثل عطاء منتخبات النخبة في كأس العالم؟!

وعلى الرغم من أن إجابات البعض قد امتلأت بالعاطفة البعيدة كل البعد عن الحقيقة فإن المصداقية الماثلة أمامنا أن الأمر خلال هذا المونديال يمثل تراجعا لكرة القدم الحقيقية وسقوطا مريرا للأداء الراقي المقنع الذي ما فتئ يتحفنا بمنهجيات وأساليب، بل ونجوم جدد مبهرين أثناء كل بطولة لكأس العالم.

علينا أن نعترف بأن هناك فزعا دفينا من تراجع المهارة والمنهجيات، وهذا دور مسيري الفيفا الذين استمروا في ذر الرماد في العيون، وكأنهم يحاولون جاهدين إخفاء قزمية الأداء بالتركيز على مشكلات جانبية يمكن تأجيلها أو حتى تجاوزها، كما هو حال بيع التذاكر وملاحقة الساسة المتدخلين في شؤون الكرة.

لست متشائما أو منظرا لواقع لم يحدث ولن يستطيع أحد تغييره، لكني على الأقل أدركت كيف يتغير واقع كرة القدم من الإبداع إلى الملل ومن المهارة العالية إلى الآلية المكررة في التعامل مع هذه المستديرة، لأعاود التأكيد أن مستوى هذه البطولة كان أقل من المطلوب وعلى غير ما اعتدناه من هذا التجمع العظيم، حتى التحكيم فيها سقط شر سقطة وبات في منظومة التراجع.

«فيا عظمة مارادونا وزيدان وكرويف وروماريو وبيليه عودي.. فقد سئمنا عبث المدربين».

[email protected]