كتبت غير مرة عن الأسباب التي تدفعني مثل كثيرين غيري لتمني تحقيق إسبانيا بطولة كاس العالم وهي تلاقي الليلة هولندا في النهائي الكبير.. أشدد على ذلك وأنا لست من المتيمين بأي منتخب أو ممن يحملون لواء التشجيع لإسبانيا.. ولا من أولئك الذين تأخذهم عاطفة الولاء حتى ينسوا كل إيجابيات الآخرين.
لكن ما أرمي إليه من ذلك يذهب إلى أن منتخبا قد قدم من الإجادة والتقنية ما فاق غيره وبما يكفي لكي يكون بطلا متوجا لهذه البطولة.
عطفا على ذلك أرشح إسبانيا وأتمناها، بل وأراهن على فوزها.. والأماني منطلقة من أن الكرة الجميلة الجذابة المغلفة بالتقنية العالية والمنهجية الرائدة.. موجودة الآن بين لاعبين لديهم من القدرات الشيء الكثير وبما يعيد لنا بعض متعة افتقدناها منذ زمن مارادونا وزيدان والمبدعين من أمثالهما.. تقنية مهارية لا تظهر وتختفي.. بل مستمرة ومثمرة خلال العمل المنهجي.. ما أبحث عن تأكيده أن تحقيق الكأس سيكون عونا لسلسلة مبدعين يظهرون من بلد التنافس الأقوى في العالم.. بلد ريال مدريد وبرشلونة.. أيضا فإن خسارة إسبانيا الليلة قد تفضي إلى إرهاصات أكبر، الخوف أن تضر باستمرار هذا المنتخب الخلاق ويضعف دوره بتقديم المواهب كما بات يفعل.
وعودة إلى بدء، فقد يعتقد القارئ الكريم أننا نبحث عن إيجابيات ثمنها سلبي للآخرين، لكننا ندرك هنا أن منتخب هولندا ذو بأس وشدة.. وعنفوان وكفاح، ولن يستكين، وبلوغه لهذه المباراة تعبير عن أفضليات لافتة.. وقدرات ظاهرة.. لكن في مقاييس الإمتاع وكرة القدم الجميلة التي تأخذ بالألباب فهو دون إسبانيا.. ونحن جماهير العالم نندفع تجاه من يمتعنا، ذلك الذي يجعل كرة القدم أقرب إلى التناغم الموسيقي.. وعليه لم يكن غريبا، أن نلاحق البرازيل.. ونتمنى الأرجنتين.. ونشيد بتقنيات فرنسا.. لكن خلال حقب سابقة.. والزمن الآن هو زمن إسبانيا.. فمن يقارع المميز! لا أحد يستطيع ذلك.. إلا بعض حظ قد يفعل فعلته.. وإن فعل فسيجعل كرة الإمتاع والتقنية المهارية العالية من الماضي.
هنا وجب أن أتمنى ممن يناصرون هولندا أن لا يغضبوا فنحن لم ننتقص من قدرة ولا من شأن يخصان مفضلهم.. لكن هي إرهاصات أعيتنا.. من فرط عبث المدربين بكرة القدم.. بما جعل كثيرا من المنتخبات المبهرة مملة وسلبيه.. وأجزم أنه لم يتبق لنا إلا إسبانيا القادرة على منحنا الألق العالي القيمة.. لكن لن نغضب إن فازت هولندا.. لكن بشرط أن يكون الإمتاع والمهارة المهر المقدم للبطولة.