لن يكون نهائي كأس العالم المقرر له اليوم في جوهانسبورغ نهائيا تقليديا كما يعتقد البعض، على اعتبار أن المنتخبين الإسباني والهولندي مصنفان حاليا الأبرز على مستوى العالم، وليس ذلك كلاما يُردد فحسب، بل واقعا تفرضه المستويات الفنية الرائعة التي قدمها المنتخبان طيلة المباريات الماضية، لا سيما الحاسمة منها. الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية أجرى استفتاء قبل انطلاق المونديال، وذهب غالبية الصحافيين إلى توقع إسبانيا بطلة لكأس العالم، إيمانا منهم بالأداء الراقي الذي يقدمه الماتادور في العامين الأخيرين، فضلا عن توقعاتهم بأن هولندا سيكون لها صولات وجولات في ملاعب جنوب أفريقيا، وكان ما ذهبوا إليه واقعا، شاهده كل عشاق الكرة في العالم!!
ليس الصحافيون فقط من رشحوا هولندا وإسبانيا، بل غالبية خبراء الكرة، من مدربين ولاعبين سابقين ومسؤولين رياضيين، أدركوا قبل وأثناء البطولة أن المنتخبين اللذين سيتواجهان الليلة في ملعب سوكر سيتي هما الأفضل في العام الحالي، وهذه الآراء أثبتها الهولنديون والإسبان بأداء لافت وعطاء كبير ونجومية حاضرة على أرض الميدان!
بالنسبة لي توقعت لهذين المنتخبين، هولندا وإسبانيا، أن يقدما الكثير في مونديال 2010، وصدقت توقعاتي، لأن الرهان معهما كان ناجحا بكل المقاييس.
كثيرون يرددون أن أسطورة البرازيل والأرجنتين قد تختفي بظهور كرة أخرى أكثر رقيا وعطاء ومهارة، مثلما يفعل الإسبان.. من يتابع الأسلوب الإسباني ربما يعتقد أنه يتابع كرة لاتينية.. لست مع من يقول إن كرة إسبانيا متأثرة بالكرة الهولندية.. فرق كبير في رأيي بين الكرتين.. منتخب الماتدور يلعب بمهارة أعلى.. أناقته وجمال مهارات لاعبيه يلفتان الأنظار.. تناقل الكرة يبدو متناغما مع إمكانات ديفيد فيا وإنييستا وتشافي هرنانديز وتشابي ألونسو وبدرو وبويول وبوسكيتس. عندما كانوا يتناقلون الكرة أمام الألمان كنت أظن أنني أشاهد فرقة السامبا، لا فرقة الإسبان.. يمكنني القول إن كرة ريال مدريد وبرشلونة وفالنسيا وبلد الوليد وخيخون وأندية إسبانيا الأخرى مطالبة بضرورة الحفاظ على هذه القيمة الفنية، التي يقدمها منتخب «لا روخا» في السنوات المقبلة!
أما هولندا فقوتها وإثارتها وجمالها تنطلق من مهارات شنايدر وروبن وفان بيرسي وفان بوميل.. والأخير أشبه بحائط الصد المعروف في لعبة كرة الطائرة.. إنه ماهر ورابط حقيقي بين الدفاع والهجوم.. قادر على قراءة الفريق المنافس من رفعة رأس فقط.. وجوده سيعطي الهولنديين زخما فنيا هائلا نظير إمكاناته العالية! ستكون معركة في غاية الصعوبة، وربما الحذر يكون حاضرا فيها إن تخوَّف المنتخبان من بعضهما، كما هي عادة النهائيات الحاسمة.. بالنسبة لي استمتعت كثيرا بأداء المنتخب الإسباني، لكنني أتوقع حضورا هولنديا كامل «الدسم».. والله أعلم؟!