كرة القدم.. حرام؟!

مساعد العصيمي

TT

حينما كنا أطفالا نجري خلف الكرة في أحياء الرياض القديمة، وتحديدا في الحلة والدركتر والبطحاء.. كان هناك من يمنعنا من فعل ذلك.. بل ويشدد على منعه.. ويتجاوز ليأخذ الكرة، أو يغرس في قلبها سكينا أو ما شابه.. ليس لأنه من أصحاب العلم الذي لا يستشرفه أحد مثله، أو من هم على شاكلته.. كنا نعاني.. لكن كان لنا بعض صبر.. وداعمون.. حتى تجاوز الأمر وصعب، لينتقل كثير من شباب شرق الرياض لمزاولة لعبتهم بعيدا عن الأحياء، وخاصة في ما يسمى الآن بالمنطقة الصناعية.

ليس ذلك فقط.. بل كان هناك من يجزم بتحريم كرة القدم.. وأتذكر بعد إحدى الصلوات من خرج ليقف أمام الناس، ليصف كرة القدم بأنها «العضو الذكري لإبليس».. وهو من خلال حديثه مطمئن، ويتباهى بصدق ما رمى إليه.. والطامة أن هناك من السذج من كانوا يصدقونه، وينضمون إليه لمنع مزاولة الكرة.

تلك توطئة طويلة فرضها انتهاء العرس العالمي الجميل، الذي أخذ بلبابنا شهرا كاملا.. فلم تحبل النساء من «... إبليس»، ولم تغضب الأرض هناك من شدة وقع التنافس عليها..

هنا أسأل؛ ما بال بعض منا قد غشاه التخلف، حتى بات كالفاقد لعقله؟ لا يرى إلا ما يريد.. يريد أن يتنعم بالقهر.. ويتلذذ بالتحريم.. على أي دليل استند، وعلى أي منطق اتكأ.. هل نحتاج دائما إلى التنغيص والمنع.. لكي نكون حاضرين..

بصراحة، لا يمكن لأي إنسان كان، أن يشرع ضد رغبات الناس، ما دام أنها رغبات غير ضارة ولا تجلب مفسدة.. فهل علم هؤلاء أن الرياضة بصفة عامة، وكرة القدم خاصة، ترفض العنصرية، بل إنها أصبحت عنوانا للتآلف والتآخي والتطور.. وفي الأخيرة يقول وزير خارجية ألمانيا، تعبيرا عن تنظيم جنوب أفريقيا الناجح للمونديال: «إن جنوب أفريقيا عرفت كيف تصنع من بطولة كأس العالم شهادة توصية رائعة لها، كدولة تستحق التقدير».

حقيقة، فمجتمع يخالف التيار لن يكون بمقدوره أن يأتي بالمبدعين، وعليه أن ينتظر التطور والارتقاء طويلا، لأن تفتح العقل والقبول بالآخر سمة من سمات الارتقاء والتطور..

هل علم هؤلاء أن هذه اللعبة أصبحت علما متخصصا يستحق الاهتمام، وهي تعبير عن التآلف والتطور، ومن وسائل التفاخر وشحذ الهمم، بل إنها من أعظم وسائل الترفية والتسلية. وهل علم هؤلاء أن كرة القدم أصبحت تشكل موردا اقتصاديا وفعلا اجتماعيا.. وهل علموا أن هناك من بذل الغالي والنفيس لأجل الظفر بتنظيم كأس العالم، لإدراكه الفوائد الجمة التي ستعود عليه من جراء ذلك.

وهل علموا لماذا الغرب المتطور علما وحضارة.. هو المتفوق في كرة القدم؟! بقي سؤال أخير: هل علموا لماذا لم تستطع أي دولة عربية تنظيم المونديال؟!

[email protected]