تأمل في مشي اليابانيين والكوريين

محمود تراوري

TT

تفاعل بعض الأصدقاء عبر خدمة «الفيس بوك» مع تساؤلاتي الأسبوع الماضي حول التكوين والإعداد البدني للرياضي العربي، حين سردت بسرعة قصة اللاعب الدولي الذي رأى فيه ليوبنهاكر أنه لا يمشي بشكل صائب، وتحدثت عن أهمية تعليم الرياضي مبكرا كل الخطوات السليمة مشيا وركضا وقفزا وارتقاء وانثناء، لفوائد جمة، أولها وأهمها خفض نسبة تعرضه للإصابة. أحد الأصدقاء توجه رأسا للبحث عن اسم ذلك اللاعب قائلا: هذا ما جعل عبد الله سليمان من كبار اللاعبين، ثم أضاف بلؤم شفيف: وبالمناسبة عبد الله كان رقم «واحد» لدى ليوبنهاكر، هلا أفصحت لنا عن هوية «واثق الخطوة» بحكم التقادم، هل كان يمشي «ماجدا» أم بشكل «جميل» .

ليلتقط الخيط صديق ثالث ويضيف «عندك خالد مسعد كمان».

أنا حقيقة لم أكن معنيا إلى حد ما بالاسم، فالمسألة الرئيسية في كل ما كتبت هي مساءلة «إعداد الرياضي العربي بدنيا»، لذلك وجدتني أقول لهما «لم أعد أتذكر!! الوقت صار بعيدا جدا، صديقاي. المهم نمشي صح».

فانبرى «محمد سندي» وبنبرة ملأى: لست أدري يأسا أم سخطا، المهم أنه بدا لي حانقا حين رد قائلا: «الوقت مشي يا أستاذ وما عاد في رقعة تلحم صح عشان نمشي صح ببساطة (سعوديين)». محمد مؤكدا أنه ينتمي لشريحة كبرى تمثل الفتيان والشبان.

فإذا كان هذا هو منطقهم، بأنه لم يعد ثم وقت لأن «نمشي صح» فهذا مؤشر - في ظني - إلى أن هناك خللا، وفجوة آخذة في الاتساع بين الأجيال. الجيل الذي يخطط ويتبنى المشاريع لاحتواء الشباب وحمايته من نزق السن وطيشها، آن له أن يغير استراتيجياته - إن كان ثم استراتيجيات - ويجدد آليات خطاباته وعمله، حتى يمكن أن نضمن واقعا أجمل يعيشه الشبان والأجيال المقبلة، بل حتى من مشى عليهم الوقت طويلا يجدون متسعا - ربما - لقضاء ما تبقى لهم من عمر «يمشون صح» .

اتصالا بكل ما قلت الأسبوع الماضي، وما كتبه الزميل مساعد العصيمي وعدد آخر من الزملاء الأعزاء، أجد أن صور الفتيان والشبان وهم يلعبون الكرة في حدائق الأطفال، وتحت الجسور على أطراف الدهس، وربما الموت، واقع لا يليق بالمجتمعات المدنية، التي من أولويات بناها التحتية توفير حدائق للأطفال ومتنفسات للشبان من الجنسين.

عندما نتغنى كثيرا باليابان وكوريا على نحو ما حدث في المونديال الأخير، علينا أن نقارن بحياد بين البنى التحتية للمؤسسات التربوية والرياضية والمدنية في البلدين، لربما ندرك أن علينا تعديل المشية، ونزع اليأس من أرواح الأجيال الجديدة، التي سنسلمها الراية، ونحن جياد أنهكها اللا ركض.