العصا الغليظة

مصطفى الآغا

TT

لم أحاول في حياتي أن آخذ طرفا من طرفي أي نزاع وأتحدث باسمه أو نيابة عنه، أو أتبنى طروحاته، من دون أن أسمع للطرف المقابل أو أقارن ما بين وجهتي النظر وأقرر أيهما أصدق أو اعتقد أنها قريبة للصواب.

ما سمعته مؤخرا من عدة أطراف حول موضوع محمد نور والبرتغالي مانويل جوزيه يدخل في خانة تعدد أوجه الحقيقة وليس في مسألة اختلاف وجهات النظر، وما أريد أن أعرفه حقيقة هو أن الاتحاد ككيان يهمنا جميعا، ويهم كل المتحدثين عنه وحوله، لكن هناك فارقا في التوجهات، وفوارق في القرب أو البعد عن مراكز القرار، ولكن إن اتفق الجميع على أن مصلحة الاتحاد هي الأهم وهي العليا على كل المصالح الأخرى فنكون قد وصلنا لخمسين في المائة من التفاهم ويبقى الاتفاق على الآليات والطرق التي تؤدي إلى التفاهم الكامل بدرجة مائة في المائة.. وطبيعي أنه لم ولن توجد تفاهمات رياضية بهذه النسبة الكاملة لأن الرياضة عالم متبدل بين لحظة وأخرى، وتلعب العواطف دورا كبيرا في شكل القرارات، من «انفعالية» إلى ارتجالية إلى عشوائية وحتى شخصانية.

ولنتفق على أن نور لاعب كبير وقائد ملهم لفريقه وأن له معاملة يجب أن تكون مختلفة بحكم ثقل هذا اللاعب وحجم تأثيره على زملائه، وأنا هنا لا أطالب بأن يكون نور فوق الاتحاد ولا فوق آراء مدربه ولا فوق سيطرة إدارته، بل أطالب بفهم تصرفات هذا النجم الكبير ومحاولة معالجة أماكن الخلل بالعلاجات وليس بالبتر.

وفي الوقت نفسه نعترف ونقر بأن مانويل جوزيه مدرب كبير، وقراراته يجب أن تحترم مهما كانت، وهيبته يجب أن تكون مصانة لأن مدربا بلا هيبة مثل «خيال المآتة الذي لا يخيف حتى العصافير الصغيرة».. وبالتالي ستفقد خططه وتوجيهاته وتعليماته قوة التأثير المطلوبة على الآخرين، لهذا نسمع بإدارات أندية كبيرة وعريقة تنصر المدرب ظالما أو مظلوما لما فيه مصلحة النادي أولا.

إذا اتفقنا على الكلام السابق فلا مشكلة إذن في نادي الاتحاد، وما حدث يمكن أن يكون زوبعة في فنجان وتعود كل المياه إلى مجاريها وننتهي من موجات الهجومات والهجومات المضادة على حقبة جوزيه التي لم تبدأ بعد.. فمنهم من قال إن جوزيه تمت برمجته «في دبي» ليقصقص أجنحة الكبار لمصالح شخصية لدى البعض، ومنهم من قال إن نور يلعب على الحبال ويقف مع أشخاص ضد أشخاص آخرين ويستعمل سطوته الجماهيرية والإعلامية لتحقيق مآربه وبالتالي يجب استبعاده بأي طريقة كانت.

نظريتان في الشكل تتعارضان وتتناقضان، والحل معهما شبه مستحيل، لكن لو جلس العقلاء الذين يحبون أن تكون الأمور صافية في الاتحاد ووضعوا كل النقاط على الحروف وبكل شفافية، مع إشراك جماهير النادي في الأسرار والخبايا وكواليس ما يحدث في الواقع، فربما يصل الجميع لقواسم مشتركة تصب في مصلحة النادي وجماهيره وليس في حساب أشخاص أو أجندات خاصة تتعارض بشكل مطلق مع المصلحة العليا للاتحاد.

آن أوان المصارحات المؤدية لمصالحات، وآن الأوان ليبني الجميع يدا بيد صرح النادي الذي يتقاتلون من «أجله».