مجلس أعلى للشباب

محمود تراوري

TT

في طريقي نحو مدينة الملك فهد الساحلية في جدة، حيث فرقة مسرح الشباب بالأحساء تقدم عرضا ثانيا من مسرحية «نعيم مجانين»، أغلب فريق عمل المسرحية هم نتاج معسكرات رعاية الشباب الكشفية والاجتماعية، بدءا من مدير مكتب رعاية شباب الأحساء المكلف يوسف الخميس. وهنا يتعين علي أن أشير إلى أن منطقة الأحساء - في تقديري - من أكثر الأقاليم السعودية التي حققت فيها رعاية الشباب نجاحات باهرة في احتواء الشباب خارج هيمنة كرة القدم، فالنشاط التطوعي والاجتماعي والكشفي والفني يتمتع بحراك جميل هناك جيلا بعد جيل، على عكس مناطق كانت رائدة في مثل هذه النشاطات كالطائف والمدينة المنورة وشقراء ولكنها تمر بحالة فتور في هذا المجال منذ سنوات تفوق العقد.

كنت برفقة الخبير البيئي المعروف الدكتور اسعد أبو رزيزة، الذي ما إن دخل موقع المدينة القائم منذ أواخر الثمانينات الميلادية، حتى انبهر، وتذكر أبناءه، وكيف يلحون عليه في تسجيلهم في أي ناد يمارسون فيه السباحة، وأنه سجلهم في أندية خاصة ولكن تكلفتها باهظة جدا. وراح يسأل «ما هذا المكان؟ لم لا نعرفه، هل أنا وحدي الذي لا أعرفه؟» أسئلة كثيرة نثرها بين يدي مساء كان يضج بجلبة الصبيان والفتيان المتناثرين بين ملاعب التنس الأرضي والمسبح وصالات البولينغ والاسكواش والألعاب المختلفة والملاعب المكشوفة، فيما نفر منهم بقوا موزعين على كراسيهم يترقبون بدء المسرحية.

كنت أرد على أسئلته بإجابات مقتضبة، حتى توصلنا إلى أن عليه زيارة إدارة المدينة، ليستفهم.

ولأن أبو رزيزة تخصصه هندسة مدنية وهؤلاء يتميزون بعقل تحليلي تأملي للأشياء، تساءل عن ماذا لو عممت فكرة المدينة في أرجاء البلاد؟

في سياقات البحث عن إجابة، رحنا نتذكر أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب حين صدر قرار مجلس الوزراء في عام 1394هـ /1974 باستقلالها عن وزارة الشؤون الاجتماعية تحت هذا المسمى، كان عدد سكان المملكة ربما في حدود الستة ملايين، وطيلة قرابة الأربعة عقود زاد العدد، وقالت كتابات إن الشباب يشكلون أكثر من 60% من نسبة السكان. مما يقتضي توسع الرئاسة العامة في رعاية الشباب، وإن كان الأمر يحتاج بشكل عاجل إلى استحداث «مجلس أعلى لرعاية الشباب»، ويمضي بجدية مشروع خصخصة الأندية الرياضية في مساره المتوازي مع كل المتغير الاقتصادي العالمي.

ونحن عائدون مشمولون ببهجة العرض المسرحي اللطيف، تذكر الدكتور ما أثير في مجلس الشورى أخيرا حول رفضه تحويل الرئاسة العامة إلى وزارة، فخاتلني بسؤال: «طيب، ألم يطرحوا فكرة استحداث أي شيء آخر مستقل عن الرياضة يهتم بالشباب والفتيان؟».

التفت إليه مجيبا: يوما ما سألقي هذا السؤال.