خطأ آسيوي آخر

مصطفى الآغا

TT

سمعنا أن لجنة المسابقات في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم اجتمعت في كوالالمبور برئاسة مانيلال فيرناندو نائب رئيس الاتحاد وأقرت إقامة المباراة النهائية لدوري أبطال آسيا عامي 2011 و2012 في إحدى الدولتين المتأهلتين للمباراة النهائية! أي تغيير النظام الحالي بإقامة المباراة في مكان محايد هو اليابان التي استضافت نهائي 2009 بين الاتحاد السعودي وبوهانغ ستيلرز الكوري الجنوبي، وستستضيف نهائي 2010 يوم 13 نوفمبر (تشرين الثاني).

المشكلة بيننا وبين الاتحاد الآسيوي هو مثل مصري مشهور يقول: «أسمع كلامك أصدقك، أشوف أمورك أستعجب». نعم، فالإخوة القائمون على أكبر اتحاد بشري في المعمورة يقولون إنهم يريدون منافسة دوري أبطال أوروبا، علما بأن ثلاثة أرباع آسيا لم تدخل عصر الاحتراف الحقيقي، وأعرف أنهم سيقولون إنهم سيجبرون الجميع على دخول الاحتراف إن عاجلا أم آجلا، ولكن... ما كل ما يتمناه المرء يدركه أيها السادة.

ففي كل يوم اختراع أعجب من الآخر وكأننا في حقول تجارب لأمور أراها بديهية، مثل قصة جائزة أفضل لاعب آسيوي التي تتعكز على شيء اسمه معايير، يمكن أن تجعل حارسا ماليزيا أو سنغافوريا أو سريلانكيا يدخل المنافسة على اللقب لأنه نال نقاطا في مباريات قد لا يسمع بها أحد، ولم يتم تغيير هذه المعايير إلا بعد أن نكون قد دخلنا في خمسين متاهة وجدلية، والتبرير الجاهز دفش البعض في آسيا كي تتطور كرتهم ويشعروا بأهميتهم ونكسب بالمرة أصواتهم الانتخابية!

بعدها جاءونا باختراع أن تجري المباراة النهائية لكأس الاتحاد الآسيوي في بلد أحد المشاركين في المراحل قبل الأخيرة من البطولة، وهو نظام جوبه بكل أنواع الاحتجاجات التي لم تلقَ أي آذان مصغية لأنه يمنح بشكل ظالم (حتى ولو كان عن طريق القرعة المسبقة والمعروفة سلفا) الأفضلية لطرف على الطرف الآخر.. وبدل أن يعدلوا من الفكرة تشبثوا بها ولكن على صعيد البطولة الأهم.. دوري أبطال القارة، بعدما ثبت لهم أن إقامتها في بلد محايد قد لا يعطيها نفس الأهمية والزخم والحضور الجماهيري والتشجيع الكبير فيما لو تمت إقامتها في بلد الطرفين أو أحدهما كما فكروا وخططوا.

وقلنا قبل نهائي اليابان 2009 إن أحدا لن يستطيع الذهاب إلى هناك إلا كل «طويل العمر وواسع الحيلة وعميق الجيب المالي»، فاليابان تحتاج إلى فيزا صعبة على البعض وتكاليف طيران باهظة وإقامة هناك أبهظ وفروق توقيت كبيرة وبالتالي تبقى المباراة تحت رحمة مزاج الجمهور الياباني، فإما أن يحضر وإما أن يغيب.

ولمن سيقول إنهم في أوروبا فعلوا ويفعلون نفس الشيء ويقيمون المباريات في مدن محددة سلفا، أقول إن الفارق هو في التقاليد والتاريخ والنظرة والإمكانيات والمسافات، ففي آخر نهائيين في روما ومدريد كنت حاضرا وكنت أشاهد عشرات الآلاف من الطليان والإسبان والإنجليز والألمان يأتون يوم المباراة ويغادرونها في نفس اليوم أو صبيحة اليوم الثاني، ولا يحتاجون إلى فيزا للدخول لأنهم مواطنون أوروبيون وينامون في أي مكان حتى ولو الحدائق العامة، والأهم أن أهل البلد نفسها سيحضرون النهائي ويشجعون حتى لو لم يكن لهم ناقة أو جمل بين طرفي النهائي، لأن تقاليدهم وتراثهم وإرثهم الكروي يختلف عنا نحن أهل آسيا.... فهل سنحضر نهائيا لو جمع مثلا بين فريقين كوري وصيني؟ وهل هم أيضا سيحضرون نهائيا بين فريقين سعودي وقطري أو إماراتي؟

لماذا لا نقيم النهائي بطريقة الذهاب والإياب بعد فشل قصة البلاد المحايدة أو التي تستطيع دفع ثمن الاستضافة الباهظ، وتبقى الحظوظ شبه متساوية على اعتبار أن الذي سيلعب الإياب على أرضه سيكون صاحب الحظوة فيما لو خرج بأقل الخسائر ذهابا..؟ ولكنه نظام حفظناه وتعودنا عليه، والأهم.. تقبّلناه.

مجرد سؤال!!!