العرب والغرب!

مصطفى الآغا

TT

من الواضح أننا كعرب عندما نسافر إلى الغربة نأخذ عاداتنا معنا (بحلوها ومرها.. ظريفها وقبيحها) ولا نندمج كليا في المجتمعات الجديدة التي نعيش فيها ومن المفترض أن نصبح جزءا منها ونذوب في تضاريسها العريضة مع محافظتنا على جذورنا.

إذن أنا لا أطالب العربي الذي يعيش في الغرب بأن ينسلخ من جذوره وينسى أصوله، ولكني أطالبه باحترام قوانين تلك الدول ونمط حياتها بما لا يتعارض مع ديننا أو عقيدتنا ومبادئنا.

ولعل أهم ما في الغرب من صفات هو الانضباطية في العمل والتوقيتات وعدم المحاباة وتضاؤل مساحات «الواسطة» (وليس غيابها نهائيا)، والأهم تساوي الجميع أمام القانون (مع اعترافهم بوجود تجاوزات) ولكنها لا ترقى إلى أن تصبح قاعدة، بل تبقى التجاوزات هي الشواذ.. والحكم على الأشخاص من منطلق مهنيتهم وسيرهم الذاتية وليس أي عوامل أخرى كما يتم عندنا.

العوامل الأخرى التي أتحدث عنها هي لب المسألة وجوهر الاختلاف.. خاصة في المسائل الانضباطية.فساعة الغداء تعني ساعة وليس ساعتين أو ثلاث، والموعد في السابعة صباحا لا يعني أبدا أنه في السابعة والربع أو والنصف أو التاسعة مثلا. الأمور الانضباطية هي التي يعاني منها محترفنا العربي بشكل عام، خاصة عندما يصطدم بالصرامة الغربية من التغذية والنوم المبكر والتقيد بمواعيد التمارين واحترام قرارات المدربين وقوننة التصريحات الصحافية والظهور التلفزيوني بما تمليه مصلحة النادي وموافقته.

بعض محترفينا العرب لا يحبون الجلوس على مقاعد الاحتياطيين، وهذا حق لهم ولغيرهم، ولكن ليس من حقهم أن يشتموا مدربهم أو يتجادلوا معه علنا ولا أن يرموا بقميص النادي أمام أعين الجماهير.. وبعض محترفينا يحبون السهر والاستيقاظ متأخرين واعتبار النادي أو التمرين أمرا يمكن تطويعه حسب الرغبة والقوة وما لهم من جماهيرية ويصطدمون أحيانا بمدرب (غربي) يتعامل بمنطقه لا بمنطقنا فينقسم الجمهور وتتعالى الأصوات مطالبة برحيل المدرب الذي تمت تهيئته خلف الكواليس للنيل من فلان وعلان!

وبعض محترفينا يذهبون للمشاركة مع منتخباتهم الوطنية وعندما تنتهي المهمة (الوطنية) يتأخرون عن العودة إلى أنديتهم الأجنبية المحترمة مرة واثنتين وثلاثا، فنسمع في الصحف الغربية كلاما بحق اللاعب لم يقله جرير في الفرزدق لأن صحفهم لا ترحم ولا تعرف نجما كبيرا أو صغيرا ولا تهاب سطوة مدرب أو رئيس ناد أو جمهور ناد من الأندية مهما كان حجمه. ما نسمعه ونشاهده ونقرؤه من مشكلات محترفينا العرب إما في الغرب وإما حتى عند العرب من بني جلدتهم أو حتى في أوطانهم، لا يدخل ضمن أي مهنية أو ضوابط أو انضباطية، وما يساعد «النجم» على التمادي هو مساعدة المتنفذين والواصلين وأصحاب الحظوات الاقتصادية والمالية والسياسية والاجتماعية، ومبادئ بوس الشوارب وتمسيح الذقون وكرمال خاطري وداخل عليك.. والأهم تمجيد النجم ليصبح أكبر من ناديه وأكبر من مدربه وأكبر حتى من الصح والغلط، وهنا أم المشكلات وأعقدها!

وللحديث صلة.