ليالي عيد الوحدة وعصاريه

محمود تراوري

TT

من الفرصة التي أتيحت لي لمتابعة مقاطع «كافية» من مباراتي الوحدة الأخيرتين قبل التوقف أمام الرائد والهلال، اللتين خسرهما الفريق بستة أهداف تقاسمهما الفريقان في مرماه، بعد أن كان متقدما ولم ينجح في الحفاظ على تقدمه لأسباب كثيرة. بدا واضحا انعكاس تأثير الأزمة الإدارية «الأزلية» على عطاء الفريق، وانعدام الدافعية لدى اللاعبين، فضلا عن الملاحظة الأهم وهي الشتات الذهني الكبير الذي يسيطر على كل اللاعبين، وياله من شتات، يفضي إلى استسلام مرير على نحو ما حدث في الشوط الثاني أمام الهلال الذي لو لم يكن متأثرا بظروف الزمان والمكان الطقسية لربما أتخم شباك الوحدة بكم وافر أكثر مما سجل.

وإذا كانت نتائج الوحدة خلال الجولات الأربع (لم تخل مباراة من هز شباكه) جاءت موجعة لأنصاره الصامدين عشقا وانتظارا منذ أربعة عقود، إلا أنها في نظر المحللين والمراقبين تبدو نتاجا طبيعيا للقلاقل التي عاشها النادي منذ عقود، وازدادت وتيرتها مع نهاية الموسم الماضي، وبلغت الذروة مع اقتراب موعد الجمعية العمومية في شوال المقبل، في استحقاقات رئاسية لا يعول كثير من المراقبين عليها لجلب الاستقرار للنادي العتيد، لأسباب كثيرة، يأتي في مقدمتها عدم امتلاك جميع المرشحين لقدرات في مستوى المأزق الذي وصل إليه النادي نتيجة ما تراكم من تعقيدات على مر السنين، من حيث ملاحظات كثيرة، منها أن معظم المرشحين معروفون (مجربون) وخطابهم وآليات عملهم وأنماط تفكيرهم وأدواتهم الإدارية مجربة ومكشوفة وثبت أن العصر تجاوزها، بينما بقية المرشحين بلا تجارب سابقة وكشفوا عن تقليدية وتواضع قدراتهم ورؤيتهم من خلال تصريحاتهم الصحافية، وكشفت عنها شخصيات تعرفها عن قرب وتعرف حجم قدراتها.

ناهيك عن الصراع الساكن تحت الرماد بين الطامحين على الوصول لسدة ما يسمى «أعضاء الشرف» في محاولة للسيطرة عليه، وإزاحة القيادات القديمة التي يذهب كثير من الوحدويين إلى أنها أسهمت بسلبيتها في تعقيد التفاهم للبيت الوحداوي، الذي هو أصلا مكون من تشابك تعقيدات تاريخية يتصل بعضها بتناحر شرائح اجتماعية وصراع غير معلن ربما يكون طبقيا حينا وربما يكون إثنيا حينا آخر، وفي كل الأحوال ظل النادي العتيق وأنصاره يدفعون الثمن، في موازاة مع ما يحدث تماما لمعظم مرافق المدينة من مؤسسات أكاديمية وصحافية وثقافية، وبصورة تثير استغراب وفزع عديد المراقبين إذ يلحظون تراجع الرؤى التقدمية والطليعية لمدينة كانت في يوم من الأيام مصنعا للكفاءات والقدرات الإدارية الخلاقة، لكنها توارت عن مقدمة المسرح لأسباب ليس هنا مكان طرحها وشرحها الآن، لأن كل ما تبقى من مساحة كاف لأن نقول فقط عن وضع فريق الوحدة هذا الموسم بأن «ليالي العيد تبان من عصاريها».

أبهج الله أعيادكم وملأ أوقاتكم بالمسرات.