«البرامج الرياضية».. بين التفريغ والتهريج!

هيا الغامدي

TT

الحقل الرياضي مجتمع كبير مليء بالموضوعات وغني بالقضايا الحية والإشكاليات كغيره من المجتمعات الحياتية الأخرى، غير أن الإعلام يحتل جزءا وافرا من مساحة الرياضة كونه ناقلا لها ومعبرا عنها كما أنه شريك استراتيجي لمنجزاتها، فالإعلام مصدر للحدث الرياضي ومتحدث باسمه ومتفاعل معه كما أنه باحث جيد لإيجابياته ومنتقد لسلبياته أو هكذا يجب أن يكون، أتحدث لكم بذهنية عقلانية جدا لا أرتدي من خلالها أقنعة ولا أدعي المثالية في عالم تحكمه الصراعات والمصالح وكل يغني على ليلاه، فنحن نحتكم لمنافسات رياضية قوامها الصراع والمنافسة الحادة حتى لو هذبناها بالمنافسة الشريفة والخلق الرياضي الرصين.

أعود لأتساءل كم عدد البرامج الرياضية في فضائنا العربي الكبير من المحيط للخليج؟ كم منها مؤثر؟! وكم منها تهريج؟ وكم منها تفاعلي؟! وما الذي يفعله ويصدره هؤلاء من إفراز إيجابي للشارع الرياضي العربي؟! يحضرني تساؤل آخر أهم كم من الضوابط «الخطوط الحمراء» يجب أن تتوفر في المحلل الرياضي أو المحاور أو المتحاور أو الضيف أو الناقد أو حتى من يقوم على إعداد وتحضير المواد الإعلامية؟؟! كم المفترض وكم الموجود؟؟!

فأحيانا يخيل إليك من «زود الحماس» لدى المشاركين بأنك داخل ميدان منافسة رياضية سباق قدرة وتحدي قفز حواجز حلبة مصارعة وأعني «اللغة» التي تتحاور بها الأطراف والتي تصل في أحيان للشجار والمقاطعة والشتم غير المباشر والتشكيك والتهويل واختلاق قصص تثير حفيظة البعض أو تتناول ذمم الآخر.. إلخ!! فأكثرية برامجنا الرياضية تقوم على سياسة شبه مكررة؛ التغليف والضرب المتعمد في مواطن الجرح كما أنها تقوم على استراتيجية الصريخ و«رفع الصوت» مع أنها حجة باطلة و«بليدة» كأصحابها تماما!! فأسلوب المهزلة والتقليل من الآخر لا يدل على شيء بقدر ما يدل على دونية وتواضع نفسية صاحبه وانخفاض مستواه كما أن التجريح، وإن توارى تحت ثياب التلميح، يخرج الناقد عن وجهته الرئيسية ويفقده هيبته ليصوره للآخر مجرد مهرج.. ولا غير!!

يا سادة، النقد أسلوب حي وثقافة وإجادة وتربية وذوق كما أنه ترتيب ذهني وتسلسل منطقي وأناقة لفظية، فضلا عن أنه إلمام وموضوعية تضفي على الناقد جوا من الوقار والاحترام فيزداد تأثيره في الرأي العام كونه أجاد استخدام التمركز الجيد للفكرة ووظفها في محور الارتكاز السليم المؤثر.

برامجنا الرياضية - معظمها - تفتقد للتطويق اللفظي والقاعدة الجيدة كالانتقاء والاختيار لمن يضيف إليك ولبرنامجك ولقناتك لا من يستفيد هو ويأتي «للترزز» أمام الكاميرا، فالاحترافية والمهنية مطلوبة في وضعيات كهذه تحمل على عاتقها أمانة إيصال الفكر والتأثير في أذهان أكبر شريحة بالمجتمع صدقوني أحيانا ضيف - بمفرده - يكفي لإثراء برنامج بحاله، لسنا بحاجة لطابور من المحللين والنقاد العاطلين من أمثال «مدرسة المشاغبين» إياها!! النقد «أمانة» فلا تذهبوا به بعيدا ليصبح وحلا لإسقاطاتكم أو تصفية حساباتكم أو تفريغ لشحناتكم النفسية لا أحد بحاجة لذلك التهريج.. أرحمونا يرحمكم الله.