الكرة آلية اندماج.. الهلال نموذجا

محمود تراوري

TT

تجربته الكتابية علمته أن يحذر الكلمات. يقول أمين معلوف «فتلك التي تبدو أكثر شفافية تكون في الغالب الأكثر خداعا. ومن تلك الكلمات التي نتوهم أنها أليفة كلمة (هوية) بالذات. نعتقد أننا نعرف معناها ونستمر في الوثوق بها حتى لو أدت بها دلالتها المخادعة إلى معنى معاكس». لا يريد معروف تكرار التعريف بمفهوم الهوية، فتلك مسألة فلسفية رئيسية منذ سقراط ومبدأ «اعرف نفسك بنفسك».

وأنا في العيد بدوت مثل معروف ولاعب هلالي سابق التقيته في مسقط رأسينا ومهوى أفئدتنا وعشقنا الوحيد المنقوش في جبالها وحاراتها، مكة الحبيبة. اجتر معي ذكرياته مع الهلال.

استرجعت أسماء كثيرة جدا لرياضيين من مكة أتاحت لها أريحية الهلال وسعة أفق القائمين عليه على مر التاريخ، فرص الحضور والتمثيل، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل الانضمام لعضوية مجلس الإدارة وترأس النادي (محمد مفتي)، دون الوقوع في عقدة الشعور بالنقص، وإطلاق مقولات لا تتسق واندماج الناس من كل الأقاليم في وحدة وطن.

أبدينا استغرابنا لظهور نبرة «أصله هلالي» التي يطلقها بعض المعترضين على ترشح الأمير عبد الله بن سعد لرئاسة الوحدة نائين عن الحديث عن كفاءته وقدراته لإدارة نادي بحجم مشكلات ناديهم.

بينما الهلال لم يفاجئ المراقبين حين أعلن تنصيب أسامة هوساوي قائدا للفريق، لم يكن قرار الهلاليين مفاجئا لأنهم أصحاب صفحات مشرقة في القدم، منذ قيادة عبد الله فودة «العمدة» القادم من الحجاز مثله مثل أسامة الذي كان انتقاله أصلا للهلال قرارا ملحا لإسكات الأصوات النشاز التي تتطاول بجهل وصلف متمسكة برؤى لا تتفق وفكرة الوحدة والاندماج والمساواة في وطن الحب والخير والجمال. خاصة في شبكة الإنترنت التي أتاحت أيضا اجتياز الحدود وتبادل المعلومات والمعرفة بين شرائح المجتمعات كافة وبشكل تبدو فيه الحميمية والبساطة أبرز سماته، إذ لا احتقانات أو تشنجات أو تخرصات، وتسمو قيم الحوار الإنساني الطبيعي الذي يشع منه احترام الاختلاف بكل هدوء.

ثمة جيل يتشكل بعيدا عن أنماط التفكير الجاهزة، والمعلبة، ينمو بروية قد تصل إلى حد الخفوت، ولكنه يبقى الأمل لاستعادة تلك الروح التي تقبل الآخر المختلف بحب، الوعي الذي نصب العمدة كابتنا للهلال، والآن أسامة، ليس ذلك الوعي الغائب الذي يتغافل عن اختيار لاعب تتوفر فيه مواصفات القيادة كعبد العزيز الخثران وتتجاهله.

جيل يبث آراءه وطروحاته عبر المدونات وفي المواقع الاجتماعية، بعيدا عن أعمدة الصحافة التقليدية الموبوءة في أغلبها بالسقم كله، أو المنتديات وبأسماء مستعارة

لكن السؤال هنا: هل واجب المؤسسات الرياضية التدخل إلكترونيا للعب دور في إدارة حراك يرتقي ببهجة الممارسة الرياضية لكي تكون متعة أكثر من كونها احترابا، ودون أن تسلبها الإثارة والتشويق؟

كيف؟