الأهلي وأطواق النجاة

محمود تراوري

TT

في الموسم الماضي كتبت مقالا بعنوان «الأهلي جاري الحزين» لقي صدى طيبا - حسب ما وصلني - عند بعض أنصار الأهلي ومنهم إخوة عقلاء وصحبة أنقياء، قلت فيه: «إن الانشغال العاطفي يمثل واحدا من مآزق الأهلي الكبرى منذ سنوات طويلة».

ففي بداية ذلك الموسم لمسنا رضا من أنصاره وما هي إلا لحظات حتى انقلبوا على الفريق، وظل هذا الغضب مشتعلا حتى تجاوز الفريق الشباب في نصف الكأس. ثم حدث ما أومأت إليه بتوقع انقلاب جديد يطالب بالغربلة (منذ ربع قرن والنادي يغربل)، ويلقي باللعنات على المدرب والتحكيم وحتى عشب الملعب، ليبقى الكل بعيدا عن المشكل الحقيقي الذي لا أزعم أني أعرفه، قدر ما أعرف أن ما تحققه أندية الاتحاد والهلال والشباب إلى حد كبير ما هو إلا نتاج طبيعي لالتفاف شرفي ووعي مهني تراكم على مر السنين جعل تلك الفرق تدار بصورة شبه مؤسساتية. الفكر الجماعي/ المؤسساتي هو الطريق الوحيد لتحقيق النجاح بل الحفاظ على النجاح مستمرا.

أذكر أني يومها قلت إن الأهلي سيكون بخير إن سلم من رد فعل «العواطف».

وهذا بالضبط ما أحسست به ورئيس الأهلي يصرح بهدوء عقب الخسارة الأخيرة، ورغم ظلال الحزن التي كست نبرة صوته وحددت ملامح وجهه فإنه انتصر على مشاعره وتحدث بمنطق وعقلانية، أرى أنها قد تمهد الدرب للوصول إلى مشكل الأهلي الحقيقي، تمهيدا للإمساك بأطواق النجاة.

المدير الإداري للفريق طارق كيال كان مقنعا وهو يتحدث بعيد المباراة وبمضامين تستحق التقدير لما أبداه من احترام للخصم وواقعية في الطرح، ما يشير إلى نضج قد يطمئن أنصار الفريق ويخرجهم من حالة الاحتقان التي يعيشونها، ولعل أولى علامات النضج تجلت في قرار إبعاد الفريق إلى الطائف، وربما ينتظر المراقبون الآن إشهار قناعة لدى القائمين على الفريق بأن الأفضل له هذا العام الاستمرار في المناطق الدافئة للترتيب العام لفرق الدوري، تمهيدا لإعداد وتجهيز فريق يمتلك أدوات المنافسة، تلك الأدوات التي تبدو مقلقة وغير مكتملة الآن سواء على صعيد الأفراد كمراكز وفي مقدمتها افتقاد الفريق للاعبين «قادة» وأصحاب مبادرات وتأثير في الفريق على نحو ما هو ماثل في فرق المنافسة (محمد نور وسعودي كريري وحمد المنتشري ومناف أبو شقير ومشعل السعيد في الاتحاد. وياسر القحطاني وأسامة هوساوي ورادوي وفيلهامسون في الهلال. وأبناء عطيف وحسن معاذ وناصر الشمراني في الشباب).

عندما كنت أصغي لتصريحات إداريي الأهلي أدركت مفهوم «أن تتكلم معناه أن تحارب» بمعنى اللعب، وكل لعبة ينبغي أن يكون لها مجموعة قواعد تحدد الاستخدام المشروع للجمل داخل اللعبة. وتعديل مجموعة القواعد معناه تغيير اللعبة. أولى مقدمات التغيير، الاستيعاب السليم لماهية واقعنا، ومعرفة كنه الخلل. هل يستثمر الأهلاويون العقلانية التي ظهروا بها بعد لقاء الاتحاد ليغيروا قواعد اللعبة؟