بيسيرو.. يناور أم يهاجم؟؟؟

مصطفى الآغا

TT

من حق أي إنسان على سطح الكرة الأرضية أن يدافع عن نفسه وعن قناعاته، كما من حقه أن ينتقد أي خطأ يراه ويتأثر به، سلبا أم إيجابا، لهذا كانت حرية التعبير هي العبارة السحرية الأولى في معظم دساتير الدول.

ومن حق مدرب المنتخب السعودي البرتغالي بيسيرو أن يدافع عن قناعاته واستراتيجيته التدريبية، طالما أنها ناجعة وناجحة، فكرة القدم ليست فلسفة خاضعة للجدل أو التناقضات الفكرية أو علما كيميائيا يحتاج مختبرا للتأكد من صحة النتائج. كرة القدم في النهاية نتيجة ينتظرها المشجعون ولا يهمهم من يحرز هذه النتيجة، وهل هو عملاق في التدريب ولديه شهادات تملأ الجدران أم أنه (يفك الخط تدريبيا)؟ المهم أن يحرز النتيجة، ولن تشفع له كل إنجازاته السابقة.. لهذا فمن أول مباراة صفّر جمهور ريال مدريد لأشهر مدرب في العالم البرتغالي مورينهو، ولو خسر أو سيخسر فريقه لاحقا، فلن ترحمه كل النياشين التي يضعها على صدره.

بيسيرو يقول في حديث لصحيفة برتغالية إن الاتحاد السعودي أكد الثقة فيه على الرغم من الحملة الإعلامية المطالِبة برحيله، وهو لم يقل هذه العبارة إلا بعدما قال إنه رفض عرضا لتدريب منتخب نيجيريا في نهائيات كأس العالم 2010، وأيضا رفض حتى مناقشة أي عرض لتدريب أندية أوروبية، لأنه ملتزم بعقده مع الاتحاد السعودي، وهو هنا يضع ثقلا أخلاقيا ومعنويا على كاهل من قد يفكر بإقالته حاليا، ولاحقا قبل أن يصل للهدف المعلن بالنسبة إليه وهو إحرازه لقب أمم آسيا بالدوحة 2011، وهو ما أعلنه صراحة للصحيفة البرتغالية «السعودية قادرة على المنافسة على اللقب على الرغم من وجود اليابان وكوريا» وهو لم يسمّ غيرهما.

العبارة السحرية (المناوِرة) في كلام بيسيرو كانت عندما قال إنه من الظلم أن أترك (لم يقل بأن يتم تفنيشه) المنتخب السعودي في هذه المرحلة بعد العمل الكبير الذي يقوم فيه مع المسؤولين السعوديين، وأضاف «لدينا مشاريع لم تكتمل بعد».

أي أنه يقول لكل منتقديه.. دعوني أعمل، فأنا أعدكم باللقب الآسيوي وأيضا بالوصول لكأس العالم 2014، وهي فترة تدريب طويلة ليس سهلا على أي مدرب في العالم أن يبقى فيها وسط محيط من المنتقدين والمؤثرين إعلاميا وجماهيريا، وهو لن يقدر على الاستمرار، ما لم يتمكن فعلا من تحقيق وعوده، علما بأن هناك من لم تعجبه وصافة كأس آسيا السابقة، على الرغم من أن المنتخب كان شابا يعج بالوجوه الجديدة، وعلى الرغم من وصف الأمير نواف له بمنتخب الأحلام، ولكن مجرد الخسارة من العراق في النهائي غيّرت كل الإشادات السابقة بالبرازيلي أنغوس، وأيضا هناك من لم تعجبه وصافة خليجي 19، على الرغم من أن المنتخب (عمليا) لم يخسر أي مباراة، ولم يدخل مرماه أي هدف، ومع هذا فهناك من رأى أن الكرة السعودية في أزمة وفي خطر في عهد ناصر الجوهر. وطبعا زاد الطين بلة عدم التأهل لكأس العالم، على الرغم من أن اللقمة كانت في الفم.

كل كلام ومناورات بيسيرو تقف عند أعتاب النتائج، حتى ولو كانت في مباراة ودية، ولن يفيد كلامه أنه مرشح دائم لتدريب المنتخب البرتغالي، لأن قبله جاء كارلوس ألبرتو وماتشالا، واحد يحمل لقب كأس العالم، والثاني يحمل تاريخا كبيرا، وتم تفنيشهما من أول مباراة في كأس العالم 98 بفرنسا وكأس أمم آسيا بلبنان 2000.