سلاح عكاظ.. سلاح الشيش

محمود تراوري

TT

مهرجان سوق عكاظ هذا الذي أنهى فعالياته بالأمس، دون أن يجعلنا نستغرق في إبداء «إنشائيات» تؤكد أهميته كفكرة مستعادة من توقف دام أكثر من ألف عام، فكرة تشير إلى شكل ما من أشكال الحياة المدنية، كان يمارسها أسلافنا، حين يمتزج الخطاب الإبداعي عبر الشعر والخطابة، بالحراك الاقتصادي، والنشاط البدني المتمثل في منافسات الفروسية والمبارزة.

انتهى المهرجان، لكنه لم ينته من حيث إثارة الأسئلة والبحث عن مدى إمكانية جعله أكثر التفاتا للشباب، العنصر الذي يمثل، بحسب الأرقام والإحصائيات، الشريحة الأكبر في المجتمع السعودي.

فإذا كنا نفكر مع من يفكر في العلاقة بين التفتت الاجتماعي للمجتمعات المعاصرة، والتشابك العالمي للأسواق والاقتصاد والرياضة ووسائل الإعلام، فهل يمكن أن نتطلع لحضور قوي للرئاسة العامة لرعاية الشباب في الدورات المقبلة من سوق عكاظ؟

وإذا كانت قطاعات الفنون قد انتقلت مسؤوليتها لوزارة الثقافة والإعلام، ما أخلى مسؤولية الرئاسة عن الفلكلور والرقصات الشعبية، التي بقيت في عهدتها حقبة طويلة أيام طيب الذكر الفنان عبد الله الجار الله، فهناك شق رياضي بقي يطل برأسه بهيجا عبر «رياضات ركوب الخيل والرماية» والمبارزة. والأخيرة رياضة فروسية بامتياز كانت حاضرة في تاريخ سوق عكاظ، وتجددت في البعث الأخير للسوق، ولكن بصورة كاريكاتورية قد تتماس مع التهريج والخفة أحيانا، مما يدفعنا للتساؤل عن إمكانية أن تعود بصورة أكثر جدية، ويمكن أن يحدث ذلك عن طريق لعبة «سلاح الشيش»، التي أراها امتدادا لرياضة المبارزة، وهي لعبة كان لها حضور ما في زمن ما من تاريخنا الرياضي، ولكنه حضور تقاصى إلى حد التلاشي في العقدين الأخيرين.

نعم، ما الذي يمنع ذلك، خاصة إذا ما تذكرنا أن نادي الطائف (مقر سوق عكاظ) كان في فترة من الفترات محتفيا بهذه الرياضة، إن لم أكن مخطئا في التذكر والتقدير؟

أضف إلى ذلك الرياضات الذهنية الأخرى، وفي مقدمتها الشطرنج، لم لا تحضر، خاصة إذا تذكرنا وجود موقع متكامل ومهيأ لاحتضانها، وقريب جدا من موقع سوق عكاظ، ألا وهو المعسكر الدائم الجميل التابع لرعاية الشباب، الكائن في منطقة العرفاء، بل هو منشأة جديرة باحتضان مشاركات الشباب في سوق عكاظ واستثمارها بدلا من بقائها مغلقة طوال العام، إذ لا يستفاد منها - حسب معلوماتي القديمة - إلا على مدى أسبوعين أو شهرين طوال العام؛ باستضافتها معسكرات شبابية اجتماعية بائسة وكلاسيكية لم تعد تستجيب لمتغيرات العصر، وباتت برامجها لا تحيا وفقا للمتطلبات الجديدة للقرن الذي يعيشه شبابنا بكل ما يمور فيه من تحديات وأخطار محدقة.

فهل ستفكر الرئاسة العامة في مشاركة لها بسوق عكاظ، مشاركة تعمق فعلا حقيقة مسؤوليتها عن رعاية الشباب؟