التحول..؟

عبد الرزاق أبو داود

TT

تحول الأندية والهيئات الرياضية السعودية إلى «أطر» تقوم على العمل المؤسساتي غدا أمرا ملحا، وهو تحول لا يمكن حدوثه بسهولة، وإنما يحتاج إلى كثير من الوقت والجهد. التغيير المطلوب هنا يستوجب تغييرا في «أنماط التفكير»، والأسس التي تقوم عليها العملية الرياضية بمجملها. طبيعة «التحول» إلى «العمل المؤسساتي» تنطلق أساسا من «العقول» وتغير «بعض» ما ترسخ من «معطيات» لم تعد صالحة في زمن يشهد تغيرات لا تعرف حدودا، وعالم يموج بصراعات الهيمنة، والرياضة ليست سوى «جزئية» ضمن «آلية عملاقة» تدفع بالتغيير والعولمة التي فرضتها عوامل التفوق.

عندما تحاول المؤسسات الرياضية إحداث تغير ما فإنها تواجه «عقولا» لا ترى ضرورات التغيير إلا عندما تقع في «فخ» الجمود والنمطية، ولا تعود قادرة على المقاومة. التحول يتطلب تغيرات عميقة في الاستراتيجيات والسياسات والأساليب والبنى التنظيمية والانفتاح والانعتاق من معوقات الماضي وفتح الأبواب أمام الكوادر والخبرات العلمية والعملية لاستخراج ما لديها من طاقات خلاقة، بعد أن عفا الزمن على مقولة: «رجل واحد = إنجازات»، فهذا «المبدأ» لم يعد «صالحا» على أي حال، فطبيعة العمل في الأندية والهيئات الرياضية تحتم التحول إلى «العمل المؤسساتي» الجماعي مهما كانت محاولات التعطيل! كما أن التحولات غدت «إلزامية» بحكم عوامل كثيرة.

«المأسسة» عملية معقدة تحتم تبني قيم وأساليب ولوائح تصبح مع الزمن متأصلة ضمن عمل منظم. «المأسسة» التي لا يقبلها البعض هي المنطلق الذي يجب أن تبدأ منه عملية إصلاح أوضاع أنديتنا ومؤسساتنا الرياضية وبصورة تدريجية بحيث تجعل من أفرادها جزءا لا ينفصم منها وفق المعايير المؤسساتية. قد يجادل «البعض» بأن مثل هذا التوجه يجعل الأفراد في «المنظمة الرياضية» مجرد «أدوات» تعمل بلا مشاعر تجاه المؤسسة، مما يؤدي إلى تدني المبادرة الفردية، غير أن المؤسسات العصرية أخذت ذلك في الحسبان ووضعت اللوائح التي تحكم كيفية التصرف في مثل هذه الحالات. «العمل المؤسساتي» إذن هو ذلك التوجه الذي يقبل بـ«النظرة العقلانية» العصرية للعمل، ولا يركن إلى الانكفاء الداخلي و«المداورة» والانغلاق. القضية هنا تكمن في التفاصيل الدقيقة والأساليب وسبل التنفيذ. «العمل المؤسساتي» إذن هو العنصر الأساس في تحليل وتطوير وإدارة الأندية والهيئات الرياضية التي تنشد التقدم والازدهار. إن نظم العمل في المؤسسات الرياضية العصرية هي تلك التي لا تترك خيارات شخصية واسعة، وإنما تلزم أفرادها بالعمل المشترك لتحقيق مصالحها، وعليهم أن يعوا أن هناك مكافآت وجزاءات في حالتي النجاح والفشل في أداء مهامهم. عملية التحول إلى «العمل المؤسساتي» الرياضي معقدة، ولكنها ليست مستحيلة كذلك، وهي طريق لا بد منه إذا ما أردنا إصلاح أحوال أنديتنا ومؤسساتنا الرياضية التي تعاني من كثير من المشكلات والمعوقات.. وبعد فترة من التغيرات المتوالية سيجد المنتمون إلى هذه الجهات أن قواعد العمل المستجدة أصبحت جزءا من المؤسسة نفسها.. وسرعان ما يتأقلمون معها ضمن القواعد المؤسساتية.