أهل مكة كباتن

محمود تراوري

TT

تحت هذا العنوان كتب الأديب صلاح القرشي شيئا طريفا في منتدى «جسد الثقافة» بالشبكة العنكبوتية، مستندا لكباتن الهلال؛ أسامة هوساوي، والاتحاد محمد نور، والشباب نايف القاضي، والأهلي كامل الموسى. تداخل معه أعضاء في المنتدى معددين أسماء ناصر الشمراني وحسن معاذ وعيسى المحياني باعتبارهم قوة كروية ضاربة تضاف للكباتن، وكلها أسماء تنتمي لمكة المكرمة.

الطرح لا يمكن مقاربته بنظرة تبسيطية كهذه، أو اختزالها في انتماء لمكان، قدر ما يمكن قراءته بعمق، والتساؤل عن الدافع الذي لا يجعل ناديا كالوحدة قادرا على احتواء واستيعاب كل هذه المواهب التي ما هي إلا عينة بارزة لعشرات من المواهب الذين كانت لهم أرضية الوحدة بيئة طاردة، إما من حيث الفقر والشح المادي غير القادر على تلبية احتياجات ومتطلبات وطموحات هذه المواهب في عصر المال والاحتراف، وإما من حيث التقدير والدعم المعنوي.

هذه ملاحظة أولى يتعين علينا أن نطرحها والنادي قد فرغ للتو من انتخابات محمومة وصفت بالشرسة، أفضت إلى عودة جمال تونسي من جديد لرئاسة النادي.

وإذا كان كثير من المراقبين قد لفت انتباههم اللغة المتفائلة والبراغماتية التي تحدث بها التونسي عقب فوزه، إلا أن هناك من هو معني بالعودة إلى التاريخ، كي يمكن رسم معالم «خارطة الطريق» للوحدة للخروج من مأزق التاريخ نفسه أولا، ومأزق الفشل المتكرر.

ففي عام 1987م تشكلت أول إدارة «تكنوقراط» وحداوية رأسها الدكتور محمد عبد الله بصنوي (أحد الرواد الرياضيين المتخصصين أكاديميا في التربية البدنية، وكان أحد أبطال ألعاب القوى محليا، وهو بالمناسبة تقاعد عن العمل الأكاديمي السنة الماضية) جاءت تلك الإدارة بمنهج علمي - مؤسساتي لم يكتب له الاستمرار كي يؤكد نجاحاته ويرسي قاعدة مؤسساتية تسير أمور النادي العتيق - على غرار ما فعل عبد الفتاح ناظر في الاتحاد - فكان السقوط لتلك الإدارة قبل أن تمضي الوقت الممكن لإنجاح رؤيتها، ومن يومها ساد فكر «العوام» في تسيير دفة النادي، حتى كانت إدارة حاتم عبد السلام مطالع التسعينات، لكنها حوربت هي الأخرى.

الآن وتونسي يؤكد ضرورة التفاف كل الوحداويين، ستصبح هذه الدعوة بلا معنى، إذا لم توظف كل المؤشرات والطاقات في خط مواز لكل ألوان الطيف والتنوع الممثل لكل مكونات المجتمع المكي الذي تحمله قائمة التونسي إلى حد كبير.

ما يجعل كثيرا من الوحداويين يحلمون بضرورة حلحلة تعقيدات الصراع القديم وذهاب التونسي بإدارته إلى أبعد من الكلام، وتحجيم النزعات النرجسية المتضخمة لدى عناصر في إدارته!.

وطبعا لا يمكن للتونسي أن يحقق ذلك دون أن يتعرض لانتقادات ساخطة، لكن عليه أن يعرف أن هذا هو ثمن العودة من جديد إذا ما أراد فعلا أن يقدم الوحدة ناديا عصريا من جديد، قادرا على احتواء كل طاقات ومواهب المدينة.