الأمير ومن يحق له النقد؟

مصطفى الآغا

TT

شخصيا تعجبني شخصية الأمير عبد الله بن مساعد، رئيس الهلال السابق وعضو شرفه الحالي، رغم أن أطول مكالمة بيني وبينه لا تزيد عن الدقيقتين، وربما يكون اختصاره ووضوحه وحديثه المباشر في الموضوع هو سبب هذا الإعجاب كما أنه من النوع غير المجامل نهائيا وهي من النوادر في وسطنا العربي بشكل عام والرياضي بشكل خاص.

شيء آخر يعجبني في الأمير عبد الله فهو وإن كان هلاليا حتى النخاع فإنه لا ينقاد وراء عاطفته الهلالية بشكل «مطلق» لا بل يحاكم الأمور بعقلانية ولهذا غالبا ما تثير آراؤه الكثير من الجدل والنقاشات في الأوساط الإعلامية والكروية.

آخر ما قاله الأمير عبد الله، وأتفق معه فيه، هو تصوره لضرورة نهاية عهد ما يعرف باسم أعضاء الشرف في الأندية؛ لأن الأندية باتت تصرف بمئات الملايين، وأعضاء الشرف قد لا يكونون قادرين على مجاراة حالات الصرف في أنديتهم، وقد تكون لهم آراؤهم الخاصة ببعض الأمور التي تجري في هذه الأندية، وبالتالي تكون صيغة الدفع أو المشاركة المالية مزاجية بشكل أو بآخر، وقد تكون محكومة بالظروف المادية لهذا العضو أو ذاك، علما بأن الأندية التي تم تخصيصها ستكون قادرة على إدارة نفسها ماليا وقادرة على الاكتفاء الذاتي، ومع هذا وجه نداء عبر «صدى الملاعب» لأعضاء الشرف الهلاليين الذين لم يساهموا منذ فترة بأن يقدموا ما يستطيعون تقديمه.

أمر آخر أتفق مع الأمير فيه، وهو مسألة فتح الأبواب مجانا للجماهير في المباريات القارية المهمة.. لأن التذكرة التي يدفعها المشجع هي نوع من أنواع المساندة المادية لناديه، ويجب أن لا نعوّد الجمهور على مسألة «البلاش» لأن البلاش أساسا يتعارض مع الفكر الاحترافي الذي نسعى إليه بكل طاقتنا.

أما مكمن الاختلاف، فهو رأيه الذي أثار كثيرا من المقالات المضادة، فهو نقد المدربين ونقد غيريتس تحديدا، ويبدو أن فكرة الأمير لم تصل بالشكل المطلوب على الأقل في «تصريحه الأخير لصدى الملاعب» فقد قال إن من ينتقدون ليس لديهم تلك السير الذاتية التي تجاري سيرة غيريتس ولا تاريخهم أو إنجازاتهم تشفع لهم بذلك، وأن النقاد في الغرب وتحديدا في الدوري الإنجليزي الذي يتابعه الأمير بشكل دقيق ينتقدون تبديلات المدرب أو خططه بل ينتقدون مجمل عمله مع نهاية الموسم.

هنا قد نختلف بشكل جذري، خاصة أنني عشت في بريطانيا ردحا طويلا من الزمن وأعرف أن الصحافة الإنجليزية قاسية جدا بحق المدربين واللاعبين، وهي التي ساهمت بشكل أو بآخر بهجر النجم ديفيد بيكام لبلاده والتوجه لإسبانيا، وهي التي تفصفص كل الحالات التدريبية، ولكن الفارق الذي ربما قصده الأمير أن من ينتقدون هناك متخصصون، على العكس مما يحدث عندنا، حيث يقوم بالانتقاد من يفقه ومن لا يفقه في كرة القدم، أقول ربما هذا ما قصده ولن أتحدث نيابة عنه لأنه قادر على الحديث عن نفسه.. بالمقابل يرى البعض أن كرة القدم ليست فيزياء نووية، والكل يفهم فيها لأنها لعبة الشعوب أساسا ولكن فعلا من حقنا أن نتساءل: هل كل الذين ينتقدون في الفضائيات هم مدربون ناجحون ولماذا عندما مارسوا التدريب سقطت فرقهم وانتقدهم الآخرون وربما لم تعجبهم تلك الانتقادات؟

إذن هي حلقة مفرغة لن نصل في نهايتها لتفاهمات مشتركة، وأعتقد أن النقد حق طبيعي كفلته كل الدساتير الموجودة في الدنيا، وأيضا حق التعبير الذي مارسه الأمير، وأعتقد أن الأمير سيشرح وجهة نظره بشكل تفصيلي حتى يزيل تلك المساحة الرمادية التي ما زالت ملتبسة، وأعتقد أيضا أن النقاش يجب أن لا يفسد للود قضية، بل إن النقاش وحده هو الذي سيطور المسيرة الكروية في أي بلد كان.