هل هذه رياضة؟

أندريا مونتي

TT

كنا نود أن نحدثكم عن مباراة كرة قدم. ولكن الأمر يتعلق بأحداث شغب مخزية. إنه من المؤسف قول ذلك، غير أن بطل هذه الليلة هو ذلك الرجل المرتدي الزي الأسود، ذلك الشخص العنيف المتوحش. إن ذلك الأحمق الضخم (بالمعنى الحقيقي للكلمة) المقنع الذي قاد من مدرجات استاد فيراريس، تلك الفوضى التي قامت بها الجماهير الصربية المتعصبة، التي كانت أشبه بالميليشيات المتطرفة، أصبح هو رمز كرة القدم المفتتة التي أصبحت رهينة للآلية، التي لأسباب مختلفة وعلى فترات متناسقة، باتت تنتج العنف.

هذا ما وقع في مدينة جنوا أول من أمس حيث تم إلغاء مباراة إيطاليا - صربيا في ظروف درامية ووسط حالة من الخوف التي كنا نسيناها منذ تلك الليلة المرعبة التي شهدت مقتل راتشيتي ضابط الشرطة الذي لقي حتفه في أحداث شغب وقعت في مباراة كاتانيا - باليرمو عام 2007. وربما يحدث ذلك - وغالبا ما يحدث - كل يوم أحد داخل كل استاد، ذلك المكان الذي نزع منه منذ فترة قواعد الحياة المتحضرة، وبات هو المسرح الذي يضمن لأي شخص همجي، يتنكر في زي المشجع، الظهور على شاشات التلفزيون. آه، ولكن أول من أمس كان البث في كل العالم. ومن كانت لديه الرغبة في اختزال ما حدث على أنه حركة مجنونة من جانب 300 شخص يائس (رغم وجود ما لا يقل عن 1500 شخص صربي في المدرجات أول من أمس) فليفعل ذلك.

وأما بالنسبة لنا في جريدة «لاغازيتا ديللو سبورت» فإن ما حدث هو مؤشر يحمل المزيد من الإنذار. إن كيفية وصول هؤلاء الأشخاص إلى إيطاليا والدخول إلى الاستاد دون عائق يجب أن يكون له انعكاس على نطاق واسع أمام سلطاتنا الأمنية. يقال إن الأجهزة الأمنية الصربية لم تقم بتحذير الجهات الإيطالية. ربما يكون هذا أيضا حقيقيا. ولكن من الواضح أن هناك بعض الاستخفافات الواضحة التي وقعت. لأن ما قام به المشاغبون الصربيون بالأمس خلال مباراة كرة قدم كان مظاهرة تخريبية في قالب متطرف.

إن أبناء النمر أركان، سفاح حرب البلقان الذي ابتدأ مسيرته كزعيم للمتطرفين في فريق ستيلا روسيا، أولئك الأوغاد الذين أثاروا الشغب في جنوا، كان قد قام بالإحماء والاستعداد لتلك الحادثة منذ أسبوع مضى؛ حيث قاموا بالاعتداء على المشاركين في حفل الشذوذ الجنسي الذي أقيم في بلغراد. وكانت العبارات التي جاءت في اللافتات واضحة: لا نرغب في الاستقلال عن كوسوفو، فهم يحلمون بعودة صربيا «الكبيرة» بقيادة ميلوسوفيتش وملاديتش وكاراديتش، أولئك الرموز الذين تتطابق أفعالهم مع صور مجرمي الحرب ومن عوقب من قبل المحكمة العليا في لاهاي، وأفعالهم تندرج في شباك مع البوليس الدولي: وقد وقع ذلك عشية قرار دخول صربيا في الاتحاد الأوروبي، المزمع الإعلان عنه في 25 أكتوبر (تشرين الأول) وبينما كانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تحاول إقناع الرئيس الصربي بوريس تاديتش بالتوازنات الجديدة في المنطقة.

ولكن ما دخل كل ذلك برياضة كرة القدم؟ سنوضح لكم. عندما لا يصبح التشجيع هواية ويتحول إلى انتماءات وعنصرية ودماء وصراعات عرقية وقبلية فمن الممكن لمباراة كرة قدم أن تصير السبب الخارجي لإشعال حرب. أو أن تكون وسيلة لاستمرار الحرب إلى جانب وسائل أخرى. والنتيجة؟ خسائر. فإلى جانب احتساب نتيجة اللقاء 3/0 لصالح منتخب إيطاليا ربما يتم استبعاد منتخب صربيا من المنافسات الأوروبية لفترة طويلة. وما هو أخطر من ذلك هو أن أمة برمتها ستواجه خطر عدم الوصول إلى الاتحاد الأوروبي، بسبب هؤلاء الوحوش.

إذا لم نقف على ما حدث أول من أمس، وإذا ظلت كرة القدم المحلية والدولية ثابتة ولم تتحرك بهذا الصدد فلن يتوقف الأمر عند حد إلغاء كثير من المباريات الأخرى، ولكن سنوجه خطر عدم وجود هذه الرياضة بعد ذلك.