شراء الفشل بالملايين!

صالح بن علي الحمادي

TT

ذات عصر كروي سعودي جميل.. كانت الكرة السعودية.. منتخبات بكل الفئات.. وأندية.. من القادسية مرورا بالشباب والنصر والاتحاد.. حتى الهلال (زعيم القارة).. تحرز كؤوس قارة آسيا بصورة دورية شبه اعتيادية.. وتحديدا منذ منتصف عقد الثمانينات الميلادية وحتى نهاية تسعيناتها.. إذ كان من غير المقبول نهائيا أن يمر موسمان والكرة السعودية لم تتوشح بذهب كروي آسيوي!

ناشؤون.. وشباب.. وكبار.. وفرق أندية تعاقبت على الفوز بالبطولات الآسيوية.. وبقدرات مالية متواضعة.. بل «متواضعة جدا جدا» قياسا بالإمكانات «الاحترافية» المهولة الآن.. ثم ماذا؟

بعدها دخلت الكرة السعودية في سبات عميق، منذ عرفت ما يسمى «عالميا» بعالم الاحتراف الكروي.. ولم يفقها منه إلا عميدها «الاتحاد» في موسمين تتاليا.. في منتصف العقد الجاري.. أما البقية فقد توالى سقوطها موسما بعد آخر للأندية «وبطولة بعد أخرى» للمنتخبات.. وعلى صعيد الأندية توارى فريق القرن وزعيمها المتوج في القرن الماضي «الهلال» ليصبح غير قادر على منافسة جيرانه الإماراتيين والقطريين وأخيرا الإيرانيين.. فما بالكم ببلوغ النهائي على أقل تقدير؟

ترى لماذا؟

التفسيرات كثيرة لأسباب غياب الأندية السعودية عن منصات الذهب الآسيوية.. لكن بعض الزملاء النقاد من السعوديين والأشقاء الخليجيين وفي أكثر من تجمع ذهبوا إلى «شبه» اتفاق بأن أبرز أسباب الإخفاقات الكروية الخليجية على الصعيد الآسيوي.. أسبابها إدارية بحتة.. إذ لم يتمكن عشرات الإداريين من الاستفادة الجيدة من مئات الملايين المتاحة لهم، لمنافسة فرق دول أخرى «خاصة في شرق آسيا» لا تتحصل على نصف ميزانيات الأندية الخليجية.. لكن ثم ماذا؟!

عن الشباب والهلال.. في اعتقادنا الشخصي أن لا أحد أنفق كما فعلت إدارة الأمير عبد الرحمن بن مساعد وإدارة خالد البلطان.. في الموسمين الأخيرين.. لكن كل الذي حدث أن الناديين اشتريا الفشل بالملايين التي لم يسبق صرف مثلها!

أقرب إدارة هلالية ومثلها شبابية سابقة.. بملايين لا تتجاوز أصابع اليدين حققتا إنجازات على المستويات كافة لم تحقق الإدارتان الحاليتان في الشباب والهلال مثلها.. وهذا ليس تقليلا من الأشخاص، بقدر ما هو تأكيد على أن الملايين الطائلة قد تقود إلى الفشل.. والعكس صحيح بملايين قليلة مقننة الصرف وفق ميزانيات منظمة بإمكانها حصد بطولات كبرى!

كلام كهذا لن يروق إدارتي الناديين.. لكن ليتهما جربا ترشيد البذخ بالملايين وفق ميزانيات مدروسة، ثم عليهما ونحن المقارنة؟!

[email protected]