كل مشكلة لها حل، لكن في المقابل لكل حل مشكلة، وحينما كان الهلال يقيم معسكره الأوروبي في الصيف القريب كانت إدارته تدرس خياراتها التدريبية في ظل «اتضاح» الصورة حيال رحيل غيريتس و«غموضها» ناحية هل يستأنف الأزرق مشواره الآسيوي المهم بجهاز فني جديد أم يبقي مدربه البارز لإكمال الطريق أيا كانت النهاية!
الخيار حينها كان صعبا ومحاطا بالظنون، ولو أن إدارة النادي قررت آنذاك إحضار مدرب جديد فإنها حتما كانت ستلقى نفس الهجوم الذي تتعرض له حاليا.
التنظير سهل في الوقت الضائع، كما أن كتابة عشرة مقالات متناقضة في أسبوع واحد تتيح لأي أحد استعراض عضلاته على طريقة (قبل شهر كتبت كذا وكذا..)، ثم ينتقي صوابا بسيطا من ركام أخطائه الفادحة ويرفعه للناس متناسيا أنه يقف على تلة من مغالطاته!!
لست في وارد التبرير للخروج المرير، فالكل يتفقون على أن إدارة الأمير عبد الرحمن بن مساعد بذلت ما لم تبذله إدارة أي ناد آخر، أو أي إدارة هلالية سابقة.. ومن الجهل الفاضح أن يتم تقييم عملها بناء على لقب أو مباراة وهي التي أسست لمفاهيم راقية على صعيد التنظيم الحديث والرؤية الحضارية والفكر الإنساني المضيء.. بل إن استقالة الأمير عبد الرحمن بن مساعد التي شرقت الآراء وغربت في قراءتها وتحليلها وتفسيرها هي في النهاية تصرف مسؤول يلخص الدرس الأخير لهذا الرجل النبيل، لكن الساحة (للأسف) مليئة بالأشقياء الذين يملأ ضجيجهم الفضاء.
شخصيا.. لدي قناعة تامة كررتها كثيرا ولم أحد عنها، وهي أن وجود إداري بفكر رئيس الهلال يعد إضافة مهمة ومكسبا حقيقيا للوسط الرياضي، فهو من العوامل الممتدة التأثير، أي التي تصنع فارقا حقيقيا وعميقا، ربما لا يظهر هذا الأثر بسرعة لكنه صلب ودائم البقاء.
ومع أنني أتمنى ألا تخسره الرياضة، فإنني أؤيد رحيله نهاية الموسم.. فالأمير عبد الرحمن بن مساعد مفكر بارع، وأديب مبدع، وفنان خلاق، وهي صفات لا تتأتى بوجاهة اجتماعية، إنما تكون بمواهب شخصية يغذيها ذكاء فطري عريق.. بالتالي فإن رجلا مثله من الظلم حشره في إطار ضيق كالرياضة، خاصة إذا كان هذا الإطار مشحونا بصراع الديكة والتصفيق الساذج.
السهام النقدية العاطفية والغاضبة جعلت غيريتس خائبا خائنا، وفوساتي جبانا أحمق، وكأنهما ليسا من الأسماء اللامعة في عالم التدريب.. وهكذا حينما ننحي العقل ونقدم المشاعر تكون نتيجة مباراة أو مغادرة بطولة هي الحكم النهائي على رئيس استثنائي ومدرب قدير..!