الأمير الشاعر والمكان الشاغر

مصطفى الآغا

TT

أولا: أشهد كمتفرج وكمهني للقناة الرياضية السعودية أنها غيرت الكثير من جلدها عندما أشرف عليها الأمير تركي بن سلطان بن عبد العزيز؛ حيث صرنا نراها أقرب لنبض المشاهد السعودي والعربي وباتت القناة صاحبة اللقاءات المميزة والبرامج الحوارية التي لا تقتصر على المساحة المحلية بل تعدتها لتتحدث عن هموم الرياضة العربية والإعلام العربي وكنت مع تسعة من زملائي سابقا ضيوفا على الزميل سلمان المطيويع في سهرة جمعت مديري قناتي «دبي» و«أبوظبي» وإعلاميين من «أوربت» و«العربية» و«إم بي سي» و«دبي الرياضية» و«الكويتية الرياضية» و«إيه آر تي» سابقا في برنامج غير مسبوق على حد علمي.. وبالأمس القريب تابعت حوار الأمير عبد الرحمن بن مساعد مع زميلي وصديقي المتميز والرائع أحمد العجلان.

حوار وضع كل النقاط على كل الحروف ولا أجد أي غضاضة في مديح قناة أخرى أو زميل آخر؛ لأن التميز يحثنا نحن أيضا على التميز، وفي النهاية يكون المستفيد هو المشاهد الذي نتنافس جميعنا على جذبه وإن اختلفت طرقنا وأساليبنا.

الأمير عبد الرحمن كعادته كان شفافا إلى أقصى الدرجات وكان متسامحا أيضا إلى أقصى الدرجات.. كان يستطيع إلقاء تبعات الخروج في الآسيوية على البلجيكي غيريتس ولم يفعل.. كان يستطيع لوم أعضاء الشرف الذين لم يدفعوا ولم يفعل.. كان يستطيع أن يذبح البرتغالي مانويل جوزيه على تصريحه الأخير ولم يفعل، بل وجد له العذر أنه ربما يكون منفعلا.. كان يستطيع الصيد في كل هذه المياه ولم يفعل والسؤال: لماذا؟

وأعتقد أن الجواب بسيط جدا، وهو أن روح الأمير ونفسيته وعقليته ترفض الغوص في الترهات والأمور البسيطة.

لم ينسب أي فضل لنفسه، وتحمل بشجاعة نادرة كل السيئات والأمور السلبية التي مرت على الهلال.

كان متواضعا، ولكن ليس إلى حد الإغراق في التواضع ليصل مرحلة الغرور كما قال.

سمعت أسئلة لم أتعود أن أسمعها على فضائية حكومية مثل أن نادي الهلال هو نادي الأمراء والأسرة الحاكمة وأنه ليس نادي الشعب، كما يقول البعض، وسمعت إجابة هادئة ورصينة في حوار لم يكن فيه أي تشنج أو عصبية حتى عندما تطرق زميلي أحمد لخلاف الأمير «المزعوم» مع الأمير نواف بن سعد نائب رئيس الهلال أو «تمادي» سامي الجابر في سلطاته وتصريحاته حسب وصف السائل.

قبل لقاء الأمير بـ«الرياضية السعودية» تحدثت هاتفيا مع الأمير عبد الله بن مساعد، ويومها قال لي الأمير في رد على سؤالي إن كان شقيقه سيبقى في رئاسة الهلال أم يرحل، فرد الأمير بأنه لا يستطيع الحديث نيابة عن شقيقه ولكنه يضع نسبة 60% لبقائه و40% لرحيله.

وبقي الأمير الشاعر في مكانه الشاغر وكنت أتمنى ألا يكون هناك تصريح بالاستقالة من الأساس؛ لأن المسؤولية تفترض مواجهة الصعاب ولجمها والحد من الخسائر والبناء على الأخطاء من أجل مستقبل أفضل.. وهو ما أعتقد جازما أن الأمير عبد الرحمن سيفعله لناديه حتى نهاية فترته.