المحللون والوقوع في فخ الانتماء

موفق النويصر

TT

تتسابق الفضائيات الرياضية على تقديم نوعين من المحللين الرياضيين عبر استوديوهاتها التحليلية.. فهم إما لاعبون أو إداريون سبق لهم اللعب أو ممارسة العمل الإداري في الأندية، أو إعلاميون ما زالوا يمارسون الركض الصحافي في الصحف السعودية.

الغريب أنه على الرغم من ادعاء الكثير من المحللين للحياد، وتشدقهم بأجمل عبارات الموضوعية والإنصاف، فإن واقع الأمر يؤكد خلاف ذلك.

فهذا حسين الصادق، محلل «الجزيرة» الرياضية ولاعب الاتحاد سابقا، يمطرنا ليل نهار بما يجب أن يكون عليه الفريق وما لا يجب، لكن عندما يصل الحديث إلى نادي الاتحاد، فإننا نرى شخصية أخرى، وبخاصة عندما يكون الحديث عن صحة هدف لفريقه أو حرمان الفريق المنافس من ضربة جزاء صحيحة، كما حدث الأربعاء الماضي، عندما حاول جاهدا تبرير الخطأ الذي صدر عن نايف هزازي ضد المدافع الشبابي قبل تسجيله للهدف الثاني.

وهذا نايف العنزي، ذو الميول الشبابية، تحدث بشفافية واضحة حيال ما يتعلق بالنادي الأهلي أمام الشباب، لكن عندما جاء الحديث عن ضرورة حصول اللاعب الشبابي على بطاقة حمراء لإعاقته المهاجم الأهلاوي المنفرد بالمرمى، سمعنا مأمآت وادعاءات، ولم تفلح محاولات عبد العزيز البكر مقدم الاستوديو التحليلي في انتزاع اعتراف منه بذلك.

ولا يختلف عبد الله الشريدة، لاعب الهلال والمحلل في ذات القناة، عن سابقيه، فعندما يكون الحديث عن فريقه، فإننا نستمع إلى عبد الله المشجع أكثر من استماعنا إلى عبد الله المحلل.

وليس الكابتن يوسف خميس، وعبد الرحمن الرومي، ومحفوظ حافظ، وعبد الرزاق أبو داوود، محللو «الرياضية» السعودية، ببعيدين عن سابقيهم، فغالبا ما نجدهم منفعلين وبعيدين عن الموضوعية، عندما لا تظهر أنديتهم بالصورة المتوقعة.

جميع هؤلاء وغيرهم كثر قد نلتمس العذر لهم أحيانا عندما يتحدثون عن أنديتهم بشيء من عدم الواقعية، لعوامل الانتماء، لكن يجب التنبه جيدا إلى أن ذلك قد يضر بمصداقيتهم لدى المشاهد في لاحق الأيام.

إلا أن الأدهى والأمر من ذلك هم الإعلاميون، ممن يتقافزون بين المحطات الفضائية ليل نهار، ليس لكفاءتهم الإعلامية وإنما لميولهم الرياضية.

وهؤلاء أجد صعوبة في فهم تصرفاتهم، وبخاصة عندما يتحدثون باسم أنديتهم بدلا من الحديث بأسمائهم، فلا أعلم كيف يتعايشون مع الأمر، وماذا يتوقعون من عموم المتابعين لهم، وهم قد تم تصنيفهم سلفا عطفا على انتماءاتهم.

فهذا نصراوي، والآخر أهلاوي، والثالث هلالي، والرابع اتحادي، وجميعهم ينافحون عن أنديتهم بقوة الانتماء، أو يقفون منها موقف الضد، عطفا على مواقف شخصية من إداراتها الحالية أو السابقة.

تؤكد ذلك المداخلات الهاتفية التي تتم عادة من شخصيات رياضية، فتجد أنها تتعامل معهم من منطلق أنهم ممثلو هذه الأندية لدى القناة وليسوا كصحافيين مستقلين.

الأكيد أن الخلل مشترك بين الإعلاميين أنفسهم ومسؤولي القنوات الرياضية، فكان من الأولى بهذه القنوات أن تراعي عند اختيارها إبعاد هؤلاء المشاركين عن مناطق «التماس» التي تتسبب في ضرب مصداقيتهم لدى المشاهد، مع تنبه هؤلاء الصحافيين للفخ الذي يسحبون إليه عندما تطلب مشاركتهم في هكذا برامج، فالأفضل لهم أن يظهروا للمشاهدين كصحافيين مستقلين وليسوا مشجعين، وهناك فرق كبير بين الاثنين.

[email protected]