هذا ما سيجنيه اليمن

محمود تراوري

TT

الآن تكون كل الوفود الخليجية تقريبا قد استوت ورتبت أمورها في أرض عدن، حيث التطلع المشوب بحذر وقلق لانطلاق خليجي عشرين ولأول مرة خارج طوق دول مجلس التعاون.

في عام 1979 ببغداد كان أول كسر للطوق بتنظيم الدورة الخامسة في العراق، الذي شارك لأول مرة في قطر 1976 واكتسح الجميع بحضوره الأول حينها.

طبعا هناك فرق بين الحضورين العراقي واليمني، ولا يمكن إجراء أي مقارنة على الصعيد الفني بين البلدين كرويا، وإن كانا مشتركين في ثراء العمق والبعد التاريخي لهما، لكن الزمان دار واستدار، وأضحى اليمن بكل حمولاته وإرثه التاريخي يصنف دوليا ضمن قائمة البلدان الأكثر فقرا.

لذلك كان الكتاب في صحف الخليج يعلنون تحفظا وصل أحيانا حد التذمر غير المباشر من الإصرار على الذهاب نحو تنظيم الدورة في موعدها المقرر. ولم يفهم كثيرون أو يستطيعوا تفسير إبداء عدم الرغبة في تنظيم البطولة في اليمن، تلك الرغبة التي كانت ذريعتها الأولى والوحيدة تقريبا (الحالة الأمنية) نتيجة التهديدات المحتملة لما يسمى تنظيم القاعدة من جهة، ومن جهة أخرى تهديدات ما يسمى الحراك الجنوبي، وهو التنظيم الذي كان وزير الشباب والرياضة اليمني حمود عباد يطالبه هنا في «الشرق الأوسط» أول من أمس بالاحتذاء بعصابات جنوب أفريقيا التي دخلت هدنة وأوقفت جرائمها إبان تنظيم مونديال كأس العالم الأخير، وأنهت القلق الدولي للحالة الأمنية. لكن كل التخوفات تلاشت مع بدء المونديال حتى كانت النهاية السعيدة لـ«الفيفا» والعالم بأسره. وهذا ما يتطلع إليه عرب الخليج والجزيرة العربية، ليتحقق الهدف السياسي الأهم من تنظيم دورة الخليج في اليمن، في ظل كل التجاذبات الإقليمية والدولية التي أثقلت كاهل اليمن وسببت كثيرا من الصداع لجيرانه.

وناهيك عن المردود الاقتصادي لليمن الذي ينتظر أن تتسبب الدورة في شيء من انتعاشه، تبقى هناك الحالة الاجتماعية، إذ ينتظر أن يتوقف كثيرون من أفراد الشعب اليمني الشقيق عن ممارسة تلك العادة التي شكلت ملمحا من ملامح اليمن غير الإيجابية، ألا وهي جلسات تخزين القات، التي ضجت المنظمات الصحية والاجتماعية والمثقفون والنقاد تجأر بالشكوى من تداعياتها وما راكمته على مدى السنين من سلبيات على الحالة الاجتماعية في البلاد.

وناهيك عن النقاط التي ستسجل للحالة السياسية وبعيدا عن التقني والفني، مؤكد أن هناك مكتسبات كثيرة سيجنيها اليمن من تنظيم الدورة، لعل في مقدمتها اكتساب خبرة التنظيم وإدارة الأحداث والمناسبات، والتأكيد على جدارة الإنسان اليمني كفرد متطلع، وصاحب جذور عريقة ضاربة في عمق التاريخ والحضارة، لأن يسجل حضوره (المدني) في صفحات العصر الحديث. أمنيات واسعة بحدث ممتع شائق وجميل ينهض بمنأى عن كل المنغصات.