بدائل الكرة

أحمد صادق دياب

TT

في أيام الدراسة الجامعية وقبل سنوات ليست بالقصيرة، كنت ومجموعة من الطلبة السعوديين الدارسين في بلاد الإنجليز نتطلع إلى أيام إجازة نهاية الأسبوع بشغف كبير وحماس منقطع النظير. لم يكن هذا الانتظار لنتحين الفرصة للمشاركة أو المشاهدة لمباريات كرة القدم فقط، ولكنه كان فرصة لنذهب في موج من الفرح والسرور ونحن نتابع سباق الخيول سواء في «أسكوت» أو «ديربي» أو «بوندي» تلك القرية الصغيرة الحالمة التي تعشق الصمت في غير أيام السباق، حيث تتحول ساحاتها وشوارعها إلى ثرثرة دائمة لا تخرج عن ترشيح فرس أو تتويج حصان على قمة السباق.

رغم أننا كطلاب سعوديين كان معظمنا ينطلق في اتجاه السباق من باب المشاركة والرغبة في تمضية أوقات ما بعد الظهيرة، فإن الأجواء العامة كانت تمدنا بنوع من الجاذبية التي لم نكن نقوى على مكافحتها أو الوقوف أمامها خصوصا عندما يكون حديث المدينة سواء لدى القصاب، أو الحلاق، أو في السوبر ماركت، أو عند إشارة الحافلة لا يخرج بحال من الأحوال عن سباق نهاية الأسبوع، ومدى قدرة الخيول على الجري على أرض طينية في حال كانت الأرض موحلة بفعل الأمطار، أو الأرض الجافة. وكان البعض يدعم آراءه بكثير من الأرقام التاريخية والإحصائيات عن الخيول في زمن لم يكن للإنترنت مكان في لعبة البحث والدراسة.

ورغم سخونة الدوري الإنجليزي وجنون الإنجليز الكبير بكرة القدم، فإن الكل في تلك المدن الصغيرة كان مهتما بتلك السباقات الرياضية التي منحت السكان نوعا من الفخر والتنافس، ومكانا فسيحا لتنمية العلاقات البشرية بين أبناء المنطقة وبشكل حضاري رائع.

في حادثة ربما كانت غريبة نوعا ما حاولت أن آخذ أحد أقاربي الذي كان في زيارة لي إلى أحد سباقات الخيل تلك، وكان رفضه قاطعا في البداية، تم ما لبث أن وافق بعد أن شاهد أن الجميع سيذهب ويتركه وحيدا في شقة باردة ورطبة.. وبعد السباق كان من أكثر الناس سعادة وهو يتحدث عن السباق بحماس وحب.

لماذا لا يكون لدينا رياضة بديلة يمكن أن تقدم لنا نوعا من التجديد النوعي للكيفية التي ننظر من خلالها للرياضة؟

ربما كان ما نحتاجه في الوقت الحالي في وسطنا الرياضي السعودي هو نوع من الالتفات إلى الألعاب الأخرى التي يمكن أن تساهم في تنمية شعورنا الاجتماعي وتؤكد على قدرتنا على فهم أهمية وقيمة التشجيع الرياضي الإيجابي المرتبط بطبيعة توحيد العلاقات لا تفريقها، كما تحدثه كرة القدم الحديثة في هذه الأيام.