حسابات الدورة!

مساعد العصيمي

TT

أجمل ما في دورة الخليج العربي الحالية، التي تجري أحداثها في اليمن، أنها قد تخلت عن تلك الملاسنات التي كانت عادة تنطلق من مسيري المنتخبات ومسؤوليها الكبار.. ارتحنا من مجالس التقييم والقذف.. هدأت نفوس المتنافسين واستقرت على التطلع لما يحدث في الملعب.

هناك من يرى أن دورة الخليج كانت مثيرة بأحداثها وتنافسها.. قد تكون في ذلك صحة، لكن قبل التسعينات الميلادية.. أما ما بعدها فقد نحت إلى جانب الكلام الإنشائي أكثر من العطاءات الفنية.. مسؤولون يلتقون ويشغلون الساحة باختلافاتهم وتصريحاتهم التي هي أبعد ما يكون عن التنافس والحث على عطاءات أفضل.. هناك من كان يقول إن ذلك هو ملح البطولة ومقبلاتها الرئيسية.. وأكاد أؤيده لأن البطولة منذ ذلك التاريخ وهي تعتمد على البهارات الخارجية أكثر منها من داخلها.. فلا تنافس لاقت، ولم تعد حتى بطولة ولاّدة لكثير من النجوم كما كانت تفعل من قبل.. فقط هي نحت إلى الإنشاء والتلاسن.. ولذا باتت إثارتها مرتبطة بما يحدث بعد المنافسات، وتحديدا داخل بهو الفنادق.. أما داخل الملاعب فلا شأن للجميع به.. هم يهتمون به فقط حين حدوثه!

بعد راحتها تلك لست بصدد الحديث عن الزمن وما كان يجب أن يكون لأنك أسمعت لو ناديت حيا.. لكن ما أنا سعيد به أن شيئا قد غاب عنا خلال دورات كثيرة سابقة وحضر جزئيا في دورة الخليج الجارية أحداثها الآن في اليمن.. وهو يخص أن هناك بعض قيمة مهارية عالية لأسماء واعدة قدمت نفسها.. والحقيقة أنها وجهت أبصارنا نحو الدورة.. كما فعل الكويتي فهد العنزي، والسعودي مهند، والقطري جار الله، والبحريني عايش.. وعليه كان فرحنا حاضرا لأنه ليس هناك تفوق كروي من دون لاعبين مهرة يبلورون العمل الفني ويعبرون عن مناهجه بإجادة تمنح الفوز.. هم واعدون.. نتفاءل بهم.. ولعل هذا ما وجدناه في فيض التراجع الفني والعطائي الكبيرين بعد أن أغلقت بطولة كأس الخليج تطلعها، ولم يكن متبقيا منها إلا ما يخالجنا من شعور انتمائي لهذه الدورة.. لتدفعنا مجبرين إلى ترديد الحقيقة البائسة التي تفرض علينا القول بأن هذه البطولة كانت من البطولات العظيمة، أما الآن.. فلا!

وعليه فمن غير المنطقي أن يخرج علينا من يردد أننا ضد التجمع، وأننا نريد وأد هذه الأفضلية.. فقط نريدها بحال أفضل وصورة أزهى.. وخلال موعد مناسب.

ثمة شيء أخير قبل أن أختم، وهو ما يثير الغبطة وأرى فيه من الإيجابية الشيء الكثير، وهو الحضور الجماهيري لأبناء اليمن لمنافسات البطولة وتفاعلهم مع أحداثها، بما أوجد أبعادا إيجابية أعطت هذه الدورة التي تعيش الآن جولاتها الأخيرة زخما جميلا وتفاعلا لافتا، رغم أن ما يدور داخل الميادين من الوهن يجعلنا نترحم على المنافسات التي كانت!

[email protected]