سلوكيات أساطير كروية

محمود تراوري

TT

يقول الدكتور فائز حسين، الذي تولى الإشراف على الصفحة الرياضية بجريدة «الندوة» عام 1967، في مادة صحافية جميلة نشرتها جريدة «الرياض» الجمعة الماضية، إنه بعد عودة البعثة السعودية من مشاركتها في دورة الخليج الأولى عام 1970 طلب مدير عام رعاية الشباب وقتذاك الأمير خالد الفيصل تقارير من مرافقي المنتخب لتلك الدورة لتلافي سلبيات خليجي (1).

أعد حسين تقريرا «سريا» تضمن ملاحظاته ورصدا لبعض الأخطاء، انتقد فيه بشدة وضع الجهاز التدريبي، كما انتقد مستويات اللاعبين وتصرفاتهم.

يلفت الانتباه في التقرير، عدا عن كونه آلية تفكير رائدة، إشارة حسين إلى سلوكيات من صنفوا كنجوم وأساطير عابرة للأزمنة، لكنهم - طبقا للتقرير - كانوا غير مسيطرين أبدا على انفلاتهم سلوكيا، وإن كان ما نشر من التقرير لم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى مسؤولية الجهاز الإداري المرافق برئاسة عبد الرحمن العليق عن هذا الانفلات!

قال حسين إن «الغراب» تزعم الاستهانة بزملائه، وتشاجر بالأيدي مع «أسعد ردنة»، وقذف «ابن نصيب» بكوب شاي، ولم يحضر أي احتفال حضره لاعبو المنتخب في البحرين، ملقيا بكل التوجيهات والنظم عرض الحائط.. و«طارق التميمي» كان مثالا لسوء الطاعة وقلة الاحترام للجميع.. بينما كان «أحمد عيد» أجمل اللاعبين تحليا بالأخلاق، ويليه اللاعبون «يعقوب يوسف والنكش وخليل الزياني ومحمد سعد العبدلي.. وسعد الجوهر».. وأن العليق تعرض لوقاحة لفظية من «النور موسى» - رحمه الله - حين كان يناقش اللاعبون في أول اجتماع ضرورة التمسك بالقيم الأخلاقية والمحافظة على المثاليات.

وتبرز مسألة أخرى مهمة تكمن في قول حسين «سمعت معظم اللاعبين وهم يعبرون عن استيائهم من المدرب، وعدم استماعه إلى طلباتهم، وعدم لجوء أي منهم إليه في شيء». وهنا يمكن التساؤل عن موقف اللاعب من مدربه، وقياس عطائه بمدى قناعته بالمدرب، وهذه هي النقطة التي كثيرا ما كانت تثير تساؤلي طيلة السنوات الثلاث الماضية حول بيسيرو، إذ لم نسمع مطلقا - على حد علمي - رأي جيوش اللاعبين الذين تعاملوا معه في المنتخب!

أما في ما يخض العلاقة بين اللاعبين فقال حسين «لم يكن الجو صافيا تماما ما بين اللاعبين»، وهذه مسألة لا تقل أهمية عن سابقتها. وكنت أتمنى لو أن التقرير تضمن تفصيلا فيها، كأن يذكر خلفيات وأسباب تعكر الجو بين اللاعبين، وهل للجانب الإداري والمدير الفني دور فيه.

العودة إلى تراكمات التاريخ وعظاته، دائما لها تجليات تحدد النقطة التي نقف فيها، وهل تجاوزنا المربع الأول أم أننا ما زلنا «مكانك راوح».