الرياضة.. سياسة وأمن واقتصاد!

منيف الحربي

TT

تناقلت وسائل الإعلام تصريحات الرئيس علي عبد الله صالح، والتي تضمنها اتصاله برئيس اتحاد كرة القدم اليمني بعد خسارة منتخب بلاده أمام قطر، حيث قال فيها: «...إنه ليس مهما من يفوز، بل المهم ما حققه الوطن من انتصار سياسي ومعنوي كبير تمثل في احتضان البطولة باقتدار ونجاح، خاصة أن هذا التحدي يقترن بالكثير من المدلولات السياسية والثقافية والاجتماعية..».

من جانب آخر، أكد وزير الداخلية اليمني أن الجريمة في محافظات عدن وأبين ولحج انخفضت بنسبة 40% خلال أيام البطولة، وكان رئيس الغرفة التجارية الصناعية بعدن قد صرح لوسائل الإعلام بأن المبالغ المتوقع ضخها في المدينة خلال أيام البطولة تقدر بأكثر من 50 مليون دولار، وأن الفعاليات خفضت البطالة بنسبة هائلة تصل لـ90%، وذلك من خلال توفير فرص تجارية موسمية..!

نعم هناك ملامح مشوهة للرياضة، وتقاطيع كئيبة، لكن هذا لا يلغي مبادئ الرياضة وأخلاقياتها، وحقيقة كونها نشاطا إنسانيا وحضاريا أضحى ممتدا وجاذبا.. ومؤثرا في جوانب مهمة وحساسة.

في كتابه الممتع «الرياضة والمجتمع»، يتطرق الدكتور أمين الخولي لهذه الجوانب بشكل جميل ومفصل، حيث أشار في الفصل الثالث إلى علاقة الرياضة بالنظم الاجتماعية مبتدئا بالسياسة.. وأن «إنجازات الفرق القومية تؤخذ على محمل سياسي، كما أنها كثيرا ما استخدمت لأغراض سياسية كإثبات كفاءة واقتدار نظام أو إبراز هويته، وغير ذلك».. مدعما حديثه بالكثير من الشواهد التاريخية والنظريات العلمية التي أفرد لها ما يقارب الـ15 صفحة، ومثلها من الصفحات عن علاقة الرياضة بالاقتصاد، حيث يبدأ بنظرية عالم اجتماع الرياضة الهولندي ستوكفيس، الذي يعتقد أن تكامل المناشط الرياضية مع المصالح الاقتصادية أدى إلى احتلال الرياضة مكانة رفيعة في الحياة الاجتماعية..!

الدكتور الخولي خصص الصفحات الأربعين الأخيرة (الفصل السادس) من كتابه للرياضة والمشكلات الاجتماعية، ولأن المجال هنا لا يتسع حتى للاقتباس فإنني أتمنى أن يطلع عليه كل مهتم في المجال الرياضي - على الأقل - لتكوين فكرة واعية عن الدور الكبير الذي باتت تلعبه الرياضة خارج ميدانها وبصورة خطيرة لا شك أنها ستكون مؤثرة إيجابا أو سلبا حسب ثقافة وأهداف كل طرف، وعندما أقول أهداف أعني فسيفساء كل الأهداف الشخصية والعامة، المتناهية الصغر والمتنامية الكبر!

بالمناسبة.. هل يدرك المدعو عبد الوهاب العيسى وبعض صحافيينا ومواقعنا الإلكترونية.. إلى أين يمكن أن تأخذنا اتجاهاتهم، وإلى أين يمكن أن نصل إذا خالفناهم وارتقينا بمفاهيمنا ورؤانا وتطلعاتنا وسط جو رياضي مؤسس علميا ومؤهل حضاريا؟!!

وبالمناسبة أيضا.. في أي جهة تصب فلسفة بيسيرو والاتحادات الرياضية (التي ذهبت للصين وعادت بخفي حنين)؟